01‏/10‏/2008

الباب الخامس : أسباب تفشى مرضي السرطان والفشل الكلوى بالسودان مؤخرآ

النظائر الذرية المشعة الطبيعية وإمكانية تواجدها فى مياه الآبار الجوفية
وعلاقتها بظاهرة تفشى مرض السرطان والفشل الكلوى بالســودان ؟
تابعت وبإهتمام شديد ومن خلال القناة الفضائية السودانية حديث لنائب رئيس الجمهورية عن القرار الذى إتخذته الدولة بتحمل كامل نفقات علاج مرضى الفشل الكلوى والسرطان بالسودان ، وتوجيهات سعادته بمواصلة البحث والتقصى لمعرفة الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ظاهرة تفشى هذين المرضين الخبيثين . فالعلاج لايعنى إستئصال المرض نهائياً ، بينما البحث العلمى والتقصى عن أسباب الداء قد يتكلل بتوفيق من الله ويؤدى لإستئصاله نهائياً ، ليتوقف الإستنزاف لموارد الدولة وهدر الأموال الطائلة فى العلاج ، إضافة الى الحفاظ على رأس الرمح فى عملية التنمية بالسودان (الإنسان السودانى المعافى ) . ففضلت مخاطبة سعادته عبر الصحف السودانية ليطلع على مقالى أكبر عدد من أهل السودان الذين لايملكون أجهزة حاسوب وليس لديهم إمكانية للإطلاع على ماتحمله الشبكة الدولية للإنترنيت والتى نحمد لأمريكا أنها لم تمكن الدول العربية من السيطرة عليها ، فهى بعيدة عن مقص الرقيب ورجال الأمن الذين مازالوا يقتلون الكلمة قبل أن تخرج من رحم المطابع ، مع كل ما نسمعه من حديث الحريات والعهد الجديد بالسودان ، الذى لم تشرق ولن تشرق شمسه إلا بنهاية الحكم العسكرى وعودة الديمقراطية . فرجال الأمن منعوا نشر مقالى الموجهه للسيد النائب حسبما ذكر لى رئيس تحرير صحيفة ألوان الغراء الأستاذ حسين خوجلى ، بل أضاف بأن مسئول الأمن نصحه بأن يسلم المقال لمكتب سعادته دون نشر ، فلم أمانع وأكدت له فى تلك المحادثة أن يتولى نيابة عن إيصال رسالتى للسيد نائب رئيس الجمهورية ، وأظنه قد فعل وإن كنت حتى الأن ولما يقارب ثلاثة سنوات لم أتلقى أى رد من مكتب السيد النائب ، ففضلت مخاطبته وبقية اهل السودان من خلال مدونتى ( رباطاب وسط ) . فالمقال علمى بحت ولم يتطرق لقضايا سياسية وأنا لست محباً للسياسة وساس يسوس ، لأنى أؤمن بمقولة الشاعر نزار قبانى ( أن لا فرق ما بين السياسة والدعارة ) ، فأردت فقط لفت النظر إلى أمر بخطورة هذه الكارثة الصحية التى فتكت بأهلى وفقدت خلال العقدين المنصرمين خمسة من أعزً أفراد أسرتى بسبب مرضي السرطان والفشل الكلوى ، إلا أن نشرمقالى قد تعذر لدواعى أرتأتها السلطات الأمنية دون إبداء أى سبب منطقى ( يمنع النشر فقط وسحب من المطبعة – حسبما ذكر لى الأستاذ حسين خوجلى – رئيس تحرير صحيفة ألوان الغراء ) ولكون فحوى الرسالة يتحدث عن توقعات وليس أمراً قطعياً ، وبما أن غرضنا من النشر هو المصلحة العامة وصحة المواطن السودانى فى المقام الأول وليس لإثارة البلبلة والمشاكل وسط مواطنينا ، فكان قبولنا ورضانا بما أرتأته الأجهزة الأمنية المختصة من عدم النشر على صفحات الصحف فى الداخل أو الخارج ، ورأيت أن نتجاوب معهم وأن يقوم الأستاذ حسين خوجلى بتسليم الرسالة لمكتب السيد النائب مباشرة دون نشرها ، آملآ أن تحظى بإهتمامه ، ولكنها لم تحظى بأى إهتمام من جانبه إن كان فعلآ قد سلمت له ، واليوم أبثها على مدونتى ليقرأ كل زوار المدونة .
فى مقدمة رسالتى أود أن أرسل لجميع زوار مدونتى بصفة خاصة وللمواطن السودانى بصفة عامة مقتطفات من البيان العلمى الذى توصل إليه عدد من الباحثين والمهتمين فى العديد من دول العالم حول ظاهرة مرض الفشل الكلوى والسرطان وعلاقتها بنوعية مياه الشرب التى يتناولها المواطن فى شربه وطعامه وإستخداماته المنزلية الأخرى ، وإليكم البيان :
{ إن النظائر الذرية المشعة الطبيعية التى يمكن أن تتواجد فى المياه الجوفية – مياه الآبار – والتى يجب أن تكون محل إهتمام ، هى نظائر اليورانيوم ( يورانيوم 238 ويورانيوم 234) ونظائر الراديوم ( راديوم 226 وراديوم 228 ) وغار الرادون ( رادون 222 ) والرصـاص 210 والبـولوتيوم 210 ، ويمكن أن توجد هذه النظـــائر ( أو بعضها ) فى المياه الجوفية ( مياه الأبار العميقة أو السطحية ) نتيجة إحتمال ملامسة هذه المياه لصخور قد تحتوى على ترسبات يورانيوم أو راديوم أو رادون فى تراكيبها الجيولوجية مما يتسبب فى ذوبان نسب من محتوياتها الإشعاعية فى المياه الملامسة لهذه الصخور . إن الحدود المسموح بها حسب المواصفات الأمريكية والعالمية الأخرى لمستويات الراديوم فى مياه الشرب يجب ألا تتجاوز 5 بيكوكيورى فى اللتر ، بينما الحدود المسوح بها لمستويات غاز الرادون حسب المواصفات الأمريكية يجب ألا تتجاوز 300 بيكوكيورى فى اللتر } إنتهى البيان .
فقد أثبتت التجارب أنه يمكن خفض نسبة النظائر المشعة بالمياه من مادة الراديوم أوالرادون للمستويات المسموح بها عالمياً بطرق بسيطة وغير مكلفة وبطرق التهوية Aeration المختلفة لطرد الغازات المشعة وقد يحتاج البعض منها لمعالجات كيميائية للمياه عند المصدر وقبل أن تصل لجسم الأنسان لتحقن الكيماويات فى جسده المنهك بالمرض وليتساقط الشعر ثم يموت بعد معاناة شديدة مع ألام المرض . عليه نرى ضرورة إجراء دراسة تفصيلية دقيقة بتضافر جميع العلماء من أطباء ومهندسين وعلماء البحث العلمى والإجتماعى وغيرهم ، لأمراض الفشل الكلوى والسرطان وإحتمال إرتباط ذلك بمياه الشرب بمناطق السودان المختلفة خاصة فيما يتعلق باليورانيوم والراديوم والإستفادة من نتائج هذه الدراسة فى إعادة النظر لتحديد معدل الحدود الوطنية السودانية المسموح بها للمواد المشعة بالتنسيق مع هيئة المواصفات والمقاييس السودانية ، آخذين فى الإعتبار العوامل الإقتصادية والإستراتيجية والإجتماعية عند إقتراح تلك الحدود الجديدة وان تخضع جميع مياه الأبار بالسودان للبحث وتحديد الصلاحية للإستخدام الآدمى .
أهلى فى السودان
تعلمون جيداً أن أهلنا بالولايات الشمالية ( الشمالية ونهر النيل ) كانوا يشيدون منازلهم فى محازاة مجرى نهر النيل وروافده المختلفة تحت ظلال أشجار النخيل ، والبعض يعيش داخل الجزر ويأخذون إحتياجاتهم من مياه الشرب مباشرة من مياه تلك الأنهر أو الترع والقنوات كما هو الحال لسكان مشروع الجزيرة والمناقل والرهد ، لذا كانوا يصابون بالأمراض البايلوجية للمياه الملوثة ( مياه النهر الخام الغير منقاة أو معقمة بالكلور ) كمرض البلهارسيا والإسهالات والإلتهابات المعوية الأخرى الناتجة عن الطفيليات والديدان التى تتواجد فى المياه الراكدة بينما أهلنا سكان المناطق الأخرى التى تعانى من شح فى مياه الشرب بولايات الغرب والشرق كانوا يعانون من أمراض شح المياه التى تصيب الجلد والعيون كالتركومة والجرب والتقرحات الجلدية والدسنتارية الباسلية وغيرها ، ونريد أن نؤكد لكم هنا أن أكثر من 90% من الأمراض التى تصيب الإنسان والحيوان معاً تكون فى الغالب بسبب نوعية المياه التى يشربها أولأغراض أخرى ، كيف لا والماء تشكل 75% من جسم الإنسان ونوعية الأكل الذى يتناوله أهل السودان فى الغالب أكل صحى بأسمدة طبيعية وليست كيميائية ولاضرر منها ، ونسبة لضيق رقعة الأرض الزراعية بتلك الولايات ( الشمالية ونهر النيل ) ومع إزدياد عدد السكان ونتيجة للأضرار التى ألحقتها مياه الفيضانات والهدام بمنازلهم ، فقد هجر معظم سكان الولايات الشمالية مساكنهم القديمة المطلة على ضفاف النيل وأتخذوا من أماكن جبلية مرتفعة بعيدة عن مجرى النهر ، شرقاً وغرباً مكاناً لسكناهم ، تاركين مواقع بيوتهم القديمة كتوسعة للرقعة الزراعية القديمة المتوارثه من الجدود والأباء منذ عصور قديمة ، وعلى سبيل المثال لا الحصر نذكر لكم قرى مناطق الرباطاب والجعليين والميرفاب والشايقية والدناقلة والمحس والسكوت وحلفا دغيم وترحيل أهالى جزيرة أرتولى بالباوقة وجزر أخرى بالشمالية من جزرهم لمناطق بعيدة عن النيل مما ترتب عليه البحث عن مورد جديد لمياه الشرب وذلك بحفر الأبار الجوفية ومياه الأبار كمياه الأنهر( ماء خام RAW WATER) أى أنها تحتاج لمعالجة كيميائية وفيزيائية وبايلوجية وتنقية وكلورة وتعقيم ولكن أهلنا بالولايات الشمالية ولجهلهم بمثل هذه المشاكل ، مع غياب كامل لدور الدولة الرقابى على هذه الموارد ، ليس أمامهم أى بد سوى أن يشربونها فور إخراجها بالدلاء كماء خام دون فحص أو تعقيم أو تنقية ، فيصبونها فى جوفهم بكل ماتحمله من مشاكل صحية ، وفى الغالب هى آبار يدوية ، بفوهة دائرية مفتوحة ذات قطر لايقل عن واحد متر ، قد يقع فى بعضها الجرزان والحيوانات الضالة وتكون عرضة للتلوث البايلوجى الخارجى إضافة الى إحتمال التلوث الإشعاعى الداخلى لملامسة مياهها صخور قد تحمل نظـائـر ذرية مشعة ، فالأبار الجوفية (العميقة منها أو السطحية) هى المصدر الأساسى لتزويد غالبية سكان أهل السودان بالمياه ، فالإختصاصيون فى علم موارد المياه يحذرون من خطورة سحب المياه للشرب من الأنهر أو البرك مباشرة ، فمعظم الأنهر أصبحت ملوثة نتيجة للمخلفات الصناعية التى تلقى فيها ، بل توصى الدول التى لديها أنهر غير ملوثة كالسودان بحفر آبار على بعد 5 الى 10 أمتار من تلك الأنهر وتركيب طلمبات السحب داخلها وليس كما يحدث حالياً بمدن السودان المطلة على الأنهر حيث نجد أن مأخذ المياه الخام WATER INTAKE يربط على سطح عائم أو متحرك على مجرى النهر مباشرة ، فعندما يفيض النهر فى فصل الخريف ، تنعدم مياه الشرب بمدن السودان وتعزى هيئة المياه ذلك للإطماء الزائد عن المعدل الرسمى ( إرتفاع كبير فى نسبة العكورة ) وعندما تشح المياه بالنهر ، ويتحول المجرى الى برك متقطعة وجزر رملية وتظهر الطحالب والعفن ، يعانى سكان المدن السودانية مرة ثانية من شح المياه نتيجة لإنحسار المياه فى الهضبة الحبشية وبحيرة فكتوريا ، والخطأ بالطبع لم يكن من النهر ولا من الهضبة الحبشية ، ولكنه خطأ هيئة مياه المدن ، التى نأمل أن تسارع بتصحيح وضعها وأن يكون مصدر السحب للمياه من آبار تحفر جنوب الخرطوم على ضفتى النيل الأزرق الشـرقية والغربية وليس بحى المقـرن لأن منسـوب الأرض الطبيعية فى بـترى ( مثلا ) أعلى من منسوبها فى المقرن ، وإلا لما إنساب النيل من الجنوب فى إتجاه الشمال ، وبهذا نقلل الفاقد نتيجة فرق المنسوب LOSSES DUE TO GRAVITY والفاقد نتيجة للإحتكاك بين المياه والجسم الداخلى للأنبوب وهى تضخ عكس الجاذبية من محطة مياه بحرى لحى الصحافة LOSSES DUE TO FRICTION ويخيل لك أن كل شىء فى السودان صورته مقلوبة ، فتضخ المياه من مدينة بحرى شمالآ لحى الصحافة جنوباً ، ويدفن الأموات على ضفاف النيل الهادئة الحالمة بحلة خوجلى والجريف غرب ويسكن الأحياءمن البشر فى الكلاكات وأمبدات والثورات والحاج يوسف ....(عجبى ياسودان) .
يعزى البعض لإنتشار هذين المرضين الخبيثين بالولاية الشمالية الى وجود حاويات بقايا نفايات ذرية جلبت من أوربا فى العهد المايوى ودفنت فى الصحراء السودانية بالولاية الشمالية ، وبالطبع هذا الكلام بعيد جداً عن الحقيقة لأن النفايات لاتدفن فى أعمـاق سحـيقة تصل الى متكون المـخزون الجــوفى للمياه THE AQUIFAIR والذى قد يصل عمقه الى 50 متر وقد يزيد ولأن النفايات تدفن بحاوياتها التى نقلت بها من مصدرها فى أوربا وهى مصممة بنظام عزل تام بالقدر الذى لاتسمح معه للتسرب الخارجى أو الداخلى ، هذا إن كانت قد نقلت أصلآ نفايات للولاية الشمالية وهذا أمر مستبعد جداً حسب إعتقادى ، ولا أظن أن النميرى مع بغضى الشديد له ولأمثاله ، سيجلب المرض لأهله ويدفن نفايات ذرية بمسقط رأسه .
أنا أستبعد إحتمال دفن النفايات تمامأ وأرجح الإحتمال الأخر المتعلق بتشبع الطبقات الحاملة للمياه بالنظائر المشعة ، والذى أرجو أن يحظى بالإهتمام الشخصى لنائب رئيس الجمهورية وأن يتولى ملفه شخصياً وألا يعالج كمعالجة ملفى نيفاشا وأبوجا ، فهذا الملف لايقل فى أهميته عن ملف السلام الذى لن نجنى منه سوى إنفصال الجنوب عن الشمال بعد سنوات ستة يدفع سكان الولايات الشمالية فيها الثمن غالياً كما دفعوه خلال عشرين سنة مضت ، لذا أنا من دعاة الإنفصال بين الشمال والجنوب حيث لايوجد مايوحد بيننا مهما قال تجار السياسة والمستفيدين من هذه الحالة ( حالة اللاسلم واللاحرب التى يودون أن تبقى بين الشمال والجنوب ) والتى ستعيق الشماليين فى معالجة قضاياهم وتنمية منطقتهم . ومن مشاكلنا الملحة ، هذه المشكلة التى أعرضها لكم ( مشكلة مرضي السرطان والفشل الكلوى ) . فلا نريد أن تشكل لها لجنة تنبثق عنها لجنة فرعية ، لتنبثق عنها لجنة مساعدة ، تخصص لها مبالغ مالية لتستأجر بها الفلل والعمارات بأحياء الخرطوم الراقية والسيارات الفارهة ولافتات كتب عليها بالخط العريض ( المفوضية العليا لبحث أسباب مرضي السرطان والفشل الكلوى بالسودان ) وينتهى الأمر عند هذا الحد كإمور أخرى كثيرة لا يتسع المجال لذكرها . فالأمر بسيط ولو طلبت منا – مؤيدين لنظامكم ومعارضين - النفير والفزع جئناك كل بما يملك وكل بمايستطيع – فالسودان وإنسان السودان أكبر من كل الأنظمة ، سيأتيك أبناء السودان فرادى وجماعات ، من علمائنا ومفكرينا المقيمين بالداخل والمغتربين بالخارج ، المتخصصين فى علوم الطب والهندسة والعلوم الإنسانية الأخرى ليسهموا جميعاً فى حل هذه المشكلات الصحية والتى أسأل الله ألا تكون بالحجم الذى أتصوره لها ، لأن التصور الذى نحمله لهذه المشكلة يتلخص فى أن الطبقة الحاملة لمياه معظم الأبار التى يشرب منها أهلنا بالولاية الشمالية وولاية نهر النيل ومناطق أخرى فى كردفان ودارفور والشرق والبطانة وشرق النيل وأحياء داخل ولاية الخرطوم وغيرها ، قد تكون ضمن تكوين طبقاتها صخور راديوم ، يورانيوم ، رادون ، بلوتيوم أو رصاص أو زنك ، وهذا النوع من الصخور يحمل نظائر ذرية مشعة وعندما تتلامس المياه الجوفية مع طبقات هذه الصخور المشبعة بالمعادن الثقيلة من يورانيوم أو راديوم وغيره ، فإن المياه تتشبع بنظائر إشعاع ذرى قد تكون كميتها أكثر من المعدل المسموح به عالمياً لصحة الإنسان ونسب الإشعاع الذرى الزائدة عن المعدل المسموح تؤدى للفشل الكلوى وأمراض السرطان الأخرى بل إن التلوث البايلوجى لمياه الشرب هو الآخر يؤدى لأمراض الفشل الكلوى . إن الخبرة الطويلة للباحثين بهيئة الصحة العالمية والهيئات الأخرى المتخصصة التابعة للأمم المتحدة وعلماء المجلس الطبى السودانى ، والعلماء السودانيين بالداخل والمنتشرين فى بقاع العالم ومؤسسات ومعاهد البحث العلمى . فنحن قد نكون أمام مشكلة كبيرة لاتحتاج لفحص مخبرى للمياه كيميائياً ، فيزيائياً أو بايولوجياً فقط ، وإنما قد تحتاج فحص لتحديد كمية النظائر المشعة ذرياً بمياه الشرب لأى بئر بمدن وقرى وهجر السودان المختلفة خاصة إذا علمنا أن الولاية الشمالية تقوم بحفر عدد من ألابار وتمديد شبكات جديدة ببعض مدنها حالياً ، فهل تجرى فحوص لمياه هذه الآبار قبل تشغيلها . ولأن هذا جزء من مسئوليتك أخى النائب أمام الله سبحانه وتعالى وكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته ، حفظ الله السودان وتراب السودان .
أهلى أحبائى
البداية تكون بحصرالأبار الجوفية ( العميقة أو السطحية ) المحفورة حالياً وتلك التى تحت الحفر أو التى سيتم حفرها فى المستقبل مع ضرورة الرجوع لهيئة التنمية الريفية منذ تأسيسها والتأكد إن كانت قد أجرت فحوصات للنظائر المشعة لتلك الأبار التى قامت بحفرها ، وماهى النتائج التى توصلت إليها ؟ وأخذ عينات جديدة بطريقة علمية مدروسة لمختبر قياس درجة الإشعاع الذرى بالمياه ، وقد يتطلب الأمر نقلها لدول مجارة فى حال عدم وجود مختبرات إشعاع ذرى بالسودان :-
· فهل لدينا خارطة رقمية لنظم المعلومات الجغرافية GIS لكل الآبار الجوفية بالسودان ؟
· وهل لدينا مختبر لتحديد حجم النظائر الذرية المشعة بالمياه ؟
· وهل لدينا حصر للآبار المحفورة بجميع ولايات السودان ؟
· وهل سبق وأن أجريت بحوث فى هذا الشأن من قبل ؟ ومن قام بها ؟ والى ماذا توصلت ؟
كل هذه الأسئلة تحتاج للإجابة وقد يبرز سؤال من بعض القراء لهذا المقال يقول صاحبه : نحن نشرب مياه الأبار منذ عشرات السنين والبعض قد يكون قارب المائة عام أو يزيد فلماذا ظاهرة تفشى أمراض السرطان والفشل الكلوى الأن ؟ لهؤلاء أقول ، أن لمياه البئر الجوفى معدلات متغيرة لمستوى الماء الثابت STATIC WATER LEVEL ومستوى الماء المتحرك DYNMIC WATER LEVEL ومستويات معدلات هبوط THE IMPACT LEVEL يزداد مع كثرة الإستنزاف لمياه البئر مع مرور السنين ، مما يضطر المستخدم لزيادة عمق حفر البئر وبهذا يكون قد أصبح أكثر قرباً لملامسة الطبقات الحاملة للإشعاع ، وأن نسبة التركيز فى مياه البئر تكون قد تجاوزت الحد المسموح به بمرور الزمن ، وقد تكون هذه الأمراض موجودة فى تلك الفترة ولكن لعدم وجود مستشفيات لم يتم إكتشافها ، وقد تكون لأسباب أخرى علمية أجهلها أنا ، ففوق كل زى علم عليم لذا كنت أفضل نشر مقالى على صفحات جريدة ألوان الغراء لتكون فى متناول الجميع ليدلو كل بدلوه لتعم المنفعة وألا ندفن رأسنا فى الرمال كالنعامة ، وأنا أعترف أن عدد قراء الصحف أكثر بكثير من زوار مدونتى هذه .
أنا على إستعداد تام أن أسهم وفى حدود إمكانياتى العلمية المتواضعة مع زملائى من إختصاصي نظم تقينة المعلومات INFORMATION TECHNOLOGY SYSTEMS فى إعداد خريطة رقمية لكامل التراب السودانى وماحفر عليه من آبار مياه الشرب ، وفق نظم المعلومات الجغرافية GEOGRAPHICAL INFORMATION SYSTEMS GIS توضح مواقع وإحداثيات وبيانات تفصـيلية عن هذه الآبار ونوعــية وكمية المـياه المنتجة بها ( م3/يوم ) وعدد السكان المستفيدين من مياه هذه الآبار وحالتهم الصحية . كل هذه البيانات يطلع عليها الباحث بمجرد دخوله على موقع الخارطة الرقمية السوداينة ، لولايات ومدن وقرى السودان جميعها، وبالنقر على أبوحمد ، الأبيض ، نيالا أو سنكات على سبيل المثال بالخريطة الرقمية GIS تنسدل أمامه قائمة بجميع الأبار الموجودة بها ، وبالنقر على كل بئر برقمها أو إسمها الخاص تنسدل قائمة تحتوى على كل بيانات المياه المنتجة منها ونسبة الملوحة ونتائج الفحص الكيميائى والفيزيائى والبايولوجى وفحص النظائر المشعة بها والسكان المستخدمين لمياه هذه البئر وحالتهم الصحية ، وإن لم نفعل ذلك علينا بقبول الوضع الراهن لمرضى الفشل الكلوى والسرطان وأمراض أخرى تفتك بمواطنينا وتعطل عجلة التنمية فيه .
إن فعلنا ذلك فلقد بدأنا السير فى الطريق الصحيح ، فال GIS هى البداية الصحية لدخول الدنيا الجديدة ، فنحن ننضم لركب العولمة بدون GIS وننضم للتجارة العالمية بدون GIS ، نوقع وكثيراً مانبصم على إتفاقيات وتعهدات عالمية حتى ولو تعارضت مع قدراتنا العلمية ومبادىء ديننا الحنيف ، فالعلم ضرورة لكل من يريد أن يواكب العصر ، فنحن قد ودعنا عصر الصناعة INDUSTRIAL AGE ودخلنا عصر المعلومات INFORMATION AGE ، بل حتى أهل الأحزاب والمتحدثين عن الحريات والديمقراطيات يحتاجون لل GIS وإن كنا نشك فى ديمقراطيتهم التى تمنع نشر مقال علمى بحت . نعم يحتاجون لقاعدة بيانات حديثة تبنى على نظم المعلومات الجغرافية GIS لأن البيانات التى تحتاجونها لعضوية الحزب هى بيانات لها الصفة المكانية الجغرافية SPATIAL DATA والصفة الخاصية ATTRIBUTE DATA لتقسيمات الدوائر بين ولايات ومحليات السودان كلها . فلوتحسنت علاقتنا مستقبلآ مع أمريكا وهذا مالن يحدث لأن الرئيس البشير قد صرح فى إحدى خطبه الجماهيرية النارية قائلآ : لو رأيتم تقارباً بيننا وبين أمريكا ، فإعلموا إننا على باطل . ونحن لانود أن نراه على باطل وإن كنا نتمنى ألا يلزم نفسه بهذا الأمر الخطير ، فنحن سبق وأن قلنا نعيش عصر المعلومات وأمريكا هى مخزن المعلومات ولاغنى لنا عنها ، فكل ما أتمناه أن يحدث بيننا وبين أمريكا تقارب دون باطل . أعود واقول لو تحسنت العلاقات وأتحيت لكم فرصة اللقاء بالرئيس الأمريكى بوش أو من يأتى بعده ، يمكنكم أن تتوجهوا إليه بالأسئلة التالية : كم عدد مرضى السكرى فى ولاية ميسورى سيد بوش؟ فلن يكون فى حاجة لسؤال مستشاريه للشئون الصحية ، فالبيانات كلها متوفرة على ال GIS سيطلع عليها من محموله الشخصى إن أراد ويجيبك فوراً . ولو سألته : كم عدد مرضى الفشل الكلوى أو السرطان فى ولاية نيفادا ؟ سيطلع على ال GIS ويجيبك . ولوسألته عن عدد الأرامل أو القصر فى ولاية تكساس أو كاليفورنيا ؟ سيطلع على ال GIS ويجيبك ، ولو سألته عن عدد البيض والسود فى كل ولاية لأجابك ، بل أكثر من ذلك ، فأمــريكا تملك بيانات بعدد مواطنيها دون سن 5 سنوات ، ومن 5 الى 17 سنة ومن 17 الى 28 وهكذا تقسيمات السكان بالأعمار حتى سن مابعد ال 65 سنة ( سن التقاعد ) هذه هى أمريكا التى تغنى شاعرنا السودانى قائلآ : أمريكا روسيا قد دنى عذابها . تبنى مجدها وحضارتها وتطورها على قاعدة بيانات ضمنتها فى نظم المعلومات الجغـرافية GIS DATABASE ونحن نتخبط عشوائياً ونمنى أنفسنا بالتقدم وهزيمتها ونغنى للسودان : جدودنا زمان وصونا على الوطن ، ياترى ماذا فعلنا للوطن وهل صحيح أن جدودنا وصونا على الوطن ، للأمانة فإن جدودى لم يوصونى على الوطن ولكن ممالاشك فيه أن جدود بوش قد وصوه وهاهو ينفذ وصايا جده ونحن فقط نغنى ونمنى النفس بمالانملك . فالكل يعـلم أن بيـانات صحــيحة تؤدى لنتائج صحيحة وبيانات خاطـئة تؤدى لنتائج خاطئة ( GARBAGE IN ,GARBAGE OUT ) ، فكيف ندبر أمر 42 مليون نسمة موزعين فى مليون ميل مربع بدون قاعدة بيانات ؟ إنى والله أشفق عليكم وأحمد الله أننى لست معكم فى هذه المسئولية ، التى ندعو الله لها بالوصول لبر الأمان ، فالسودان عزيز ولابديل لنا سواه وقيام دولة إسلامية تأخذ بكل أسباب الحداثة فى شماله ذات علاقات طيبة مع دولة اخرىمنفصلة عنها فى جنوبه ، هو الحل ومن يغضبه حديثى هذا ، فليحتفظ بالمقال حتى نهاية الفترة الإنتقالية الحالية ، فلو طرح إتفصال الجنوب عن الشمال فى إستفتاء الأن بين الجنوبيين فإن 65% منهم سيصوتون للإنفصال و35% منهم للإتحاد ، ولو طرح بين الشماليين الأن ، فإن 90% منهم سيصوتون للإنفصال و10% فقط منهم سيقفون مع الإتحاد مع قناعتهم بعدم جدواه وهذا شأن أهل السياسة دائماً ، فماذا لايستفتى كل أهل السودان فى مشروع الوحدة والإنفصال ؟
أهلى أحبائى
نعود لحديثنا عن هذين المرضين الخطيرين اللذين لن تترك لنا مشكلات الجنوب ودارفور والشرق ومشكلات التسابق على كرسى الحكم فرصة للبحث والتقصى عن أسبابهما ، وحتى لاتضيع النتائج ويحدث الخلط بين بئر صالح وآخر مياهه ملوثة بالإشعاع الذرى ومواطن معافى ومواطن مريض ، فلابد أن يشمل الحصر جميع الآبار الحكومية وتلك الخاصة بالأهالى أو الشركات والمؤسسات ومستخدمى مياهها وإدخالها ضمن قاعدة بيانات رقمية تغطى كامل التراب السودانى ، ومن ثم تبدأ مرحلة أخذ العينات وفحصها ولكونى رجل مهموم بهذا الوطن ، متيم بحبه ، فإن أشواقى وأمنياتى تفوق إمكانيات الوطن الشحيحة ، فإنى أمنى النفس بأن تكون لدينا مختبرات متحركة لفحص النظائر المشعة بمياه الآبار الجوفية تجوب السودان شمالآ وجنوباً ، شرقاً وغرباً ووسطاً ، فلا تنمية بدون إنسان ولا إنسان بدون صحة .
أختم رسالتى وأقول لكل أهلى بالسودان ، إن المفهـوم العام السائد الأن أن المعيار الصحـيح للصحة العامة هو عدد التوصيلات المنزلية لمياه الشرب النقية وعـدد التوصيلات المنزلية لتجميع ونقل ومعالجة مياه الصرف الصحى وليس عدد المستشفيات أو عدد الأسـرة بتلك المستشفيات وعليه فإن تحسين أنظمة خدمات المياه وصرفها وصحتها وحمايتها من التلوث يؤدى الى إنفراج كبير فى أوضاع الصـحة العامة وبدون خطط طويلة المدى لدراسة الإحتياجات المائية المستقبلية فلن نتمكن من تحديد إحتياجاتنا الحقيقية للإمداد السليم لمياه الشرب الذى يحقق الرخاء الإقتصادى والإستقرار والصفاء الذهنى لمواطنينا ، هذا بالإضافة الى أن معظم الأمراض المنتشرة فى عالمنا اليوم يمكن الحد منها بواسطة الإمداد السليم لمياه الشرب وتجميع ونقل ومعالجة مياه الصرف الصحى وأن ماسندفعه من مال على هذه الفحوصات المخبرية لايتجاوز عشر ماسندفعه على علاج هذه الأمراض الفتاكة . فالحوصات المخبرية ضرورة لابد منها لمياه الأبار الجوفية ، قبل أن تنتقل العدوى للإنسان ، من أجل سودان خال من الأمراض ، سودان السلام والصحة والتنمية والتطور ونحن فى شمال السودان لن نتمكن من فعل ذلك إلا إذا قررنا كشماليين فصل الجنوب ودارفور عن السودان ، فالجنوب معطل لقدراتنا ودارفور ليست جزءً من السودان ولم تنضم إليه إلا فى 1916م ، ومايفرق بيننا أكثر مما يجمع بيننا ، ولرافعي شعار الوحدة من الشماليين اقول - عليكم أن تتنازلوا عن عنصريتكم وتذوبوا جبال الجليد التى تسببت فى هذه الفرقة وان تسقطوا كلمة عبد وحر وأضان سوداء وأضان حمراء من قلوبكم بعد أن أسقتطموها منذ سنوات من شفاهكم ونكون كالشعب المصرى أمة واحدة لايفرق فيها اللون بين حبيبين ، وأنا اقرً واشهد بأننا ما عدنا نسمع كلمة عبد فى الشارع ولو كان أبوي حي كنا كل يوم فى الحراسة ، ولكن لم نستطع إخراجها من صدرونا ، فما أن يتقدم جنوبى أو دارفورى وجنسيات سودانية أصيلة أخرى للزواج من بنت من القبائل الشمالية اللى بتفتكر أنها عربية كما يشاهد ذلك فى شجرة نسبى ونحن بقايا نوبة ليس أكثر - حتى يأتى الرفض من الأسرة حتى لو كانت البنت راضيه والأسرة ترضى عن خلقه ودينه -ودا سبب الفتنة التى تقع فى أرض السودان اليوم ، واظنكم تابعتم معى حديث بعض المراهقين من المرتزقة اللجندهم دكتور خليل فى غزوه لأمدرمان جاءوا مدفوعين بحقد عنصرى وواحد منهم قال وعدوه لمان يفتحوا الخرطوم يزوجوه من فنانة مشهورة هو بيحلم تكون زوجته ،فهل نستطيع إقامة دولة موحدة بهذا الكم الهائل من التناقضات فى تركيبته الديمغرافية ، قسموه وأرحمونا يرحمكم الله - وخلونا نتفرغ لبناء دولة حديث حتى ولو على شبر واحد من تراب ماكان يعرف بالسودان - يجمع الدين والعرق بين سكانها

16‏/09‏/2008

الباب الأول : نداء لإبناء منطقة رباطاب وسط ( قرى أمكى عتمور العبيداب وكرقس )

هذا النداء جاء متأخرآ ستون عامآ هى كل عمرى 1948م - 2008م
قد يجد الجيل الجديد من أبناء منطقة الرباطاب ورود بعض الكلمات الغريبة التى سقطت من قاموس أبائهم وأجدادهم كالمرقون ، العدلة ، الكدنبس ، البشنتيقه ، الساسوية ، اللابيق ، الكمروق ، القادوس ، الألس ، القشق ، التكن ، الماروق ، التقنق ، اللبقة ، البروًد ، البتق ، الأربل ، الواسوق والنورج ، حتى الفركة أستبدلت فى زمنهم هذا بقميص النوم وإن كان كل العارفين ببواطن الإمور يقولون أن الفركة أكثر إثارة وجاذبية من قميص النوم ولكنها رغبة أبناء هذا العصر فى التغيير للأسوأ ، وهذه الكلمات الغير متداولة فى قاموس اليوم سوف أتعرض لشرحها بالتفصيل فى موقع آخر من هذه المدونة وقد أنشرها فى كتاب تحت إسم ( كلمات نوبية فى قاموس العامية الرباطابية ) لأنى على قناعة تامة بأن منطقة الرباطاب كانت جزءآ أصيلآ من النوبة القديمة التى كانت تغطى مصر والسودان والهلال الخصيب وقد تجاوزت هذه الحدود بكثير ، فوجود إهرامات بمنطقة الجعليين خير شاهد على أن منطقة الجعليين التى تقع جنوب نهر عطبرة وشمال الخرطوم كانت جزءآ من النوبة القديمة ، وندًلل على نوبية منطقتنا بوجود إسم أبوديس بمنطقة الرباطاب كما فى فلسطين جوار القدس ويعنى بالنوبية أبودم وكلمة محس باللغة الأوردية فى الهند تعنى الإنسان الأسمر ، مما يعنى أن الهند القديمة كانت على علم بالنوبية والنوبة أو كانت جزءآ منها ، لذا تجدنى أختلف مع الأستاذة سعاد إبراهيم أحمد حين تتحدث عن منطقة النوبة وتحصرها فى هذه المساحة الضيقة جنوب مصر وشمال السودان ، فأنا أذهب أبعد من ذلك وأقول أن النوبة هم أساس البشرية ومايؤكد ويدلل على ذلك أن لونهم هو لون أب البشرية آدم ، لون أديم الأرض ، لسنا بالبيض أو الصفر أو السود ولكنها السمرة الجميلة المتدرجة من اللون البنى وهو ماورد فى الذكر الحكيم بالطين اللازب والحمأ المسنون والصلصال وكلها ألوان تتطابق مع سمرتنا ، فالحياة بدأت فى منطقتنا هذه وأخص بها منطقة النوبة وجزيرة العرب ، ومن إتجه من سكانها شمالآ نحو القطب وبعد عن أشعة شمس النوبة أصبح لونه أبيض ومن إتجه نحو خط الإستواء وتعرض لأشعة شمس أكثر حرقة تحول لون بشرته للأسود ، فيا أستاذة سعاد أرجو أن وصلتك رسالتى هذه أن تعلقى عليها بتأكيدها أو رفضها ، فمنطقة العرب والنوبة أصل البشرية بل هم سادتها ولكى أن تعتزى وتفخرى بأصلك ، فنحن الأصل من أدم والأبيض والأسود نسخة معدلة . وسوف نقدم لكم نماذج عديدة لنوبية منطقتنا التى تعربت بعد الفتح الإسلامى على يد عبد الله بن أبى السرح وحكاية أن سكان توتى وبرى وبعض أحياء العاصمة القديمة الأصليين نزحوا من منقطة المحس الحالية ليست صحيحة وإنما هذه الشريحة السمراء التى تمتد من جنوب مصر الى شمال الخرطوم كانت جسمآ واحد وتقسم أو قسم لحلفاويين وسكوت ومحس ودناقلة وبديرية دهمشية وشايقية ومناصير ورباطاب وإنقرياب وميرفاب وجعليين وجموعية وفروع لهذه القبائل كالعمراب وغيرها وأن هذا التقسيم يتفاوت بدرجة قبول كل جزء للفتح الإسلامى ودرجة إنصهاره مع القادمين الجدد من عرب الجزيرة العربية فمنهم من إنصهر بنسبة 100% فأصبح لسانه عربى ليس له رطانه وهو مايعرف بالقبائل الجعلية ( من بديرية دهمشية وشايقية ومناصير ورباطاب وميرفاب وجعليين وجموعية ) ومنهم من لم ينصهر فحافظ على نوبيته مع تحدثه للعربية كالدناقلة والمحس والسكوت .
فى البدء دعونى أعرفكم بصاحب هذه المدونة :
أفضل ان أنادى بسلمان ود إسماعيل ودبخيت أو سلمان ود الجقلبية ، فأمى نفيسة بت على ود جقلبية كانت إمرأة أزينة رجال وفارسة يشهد لها كل من عرفها وكانوا ينادوها بالعمدة ولم تكن الوحيدة بين بنات جيلها من الرباطابيات العظيمات أذكر منهن على سبيل المثال لا الحصر عماتى كلتوم بت ود الحسن والنيل بت أحمد والشول بت قش البنات ودى لمن لايعرفها حبوبة المذيع التلفزيونى جمال الدين مصطفى الشيخ وشقيقه رضى وشقيقته المخرجة بالتلفزيون سهير، ومن الجيل الثانى الذى يصغرهن سنآ ولا يقل عنهن كرمآ وشهامة نذكر لكم بتول بت حاج عثمان زوج عمنا وشيخنا محمد سعد عبد الله التى فتحت بيتها لعقود لكل وافد من منطقة الرباطاب جاء لأمدرمان بغرض العلاج ، التعليم ، العمل أو الصياعة ، وبهذه المناسبة تحضرنى طرفه أود أن أحكيها لكم بغرض تطليف صفحات المدونة ، فقد نزلت عمتنا شاية ضيفة على عمتنا كلتوم بت ود الحسن بالخرطوم وفى ذهنها بعض الأفكار أن أهل الخرطوم يشربون الخمر والعياذة بالله وأثناء تناولها لمشروب الكيتى كولا ذو الغازات المركزة ومالديه من تأثيرات خطيرة على الذين لايعتادون شربه والذى قدمته لها مضيفتها حاجة كلتوم ، فخرجت الغازات من أنفها واذنيها وعينيها فظنت أنها دون شك هى الخمر التى تسمع بها ، فقالت لمضيفتها ( كلتوم يا أختى الله يغفر لينا ودينى عنقريبى ) فقد تأكدت أنها قد شربت المنكر وتريد أن تخلد للنوم حتى لا تتصرف تصرفات السكارى التى تسمع بها ، بدليل أنها تريد من يأخذها للعنقريب ، ألا رحمة الله عليكن جميعآ وأسكنكن فسيح جناته فقد كنتن نساء عظيمات .
كانت الجقلبية تنتسب لهذا الجيل من النساء العظيمات ، ولكنها كانت تتفرد بأنها إمرأة حكيمة تدير شئونها بتدبير شديد ولاتصرف القرش إلا وقت الضرورة ودائمآ ماتقول ( عندى ضحكه فى الزول البيودر شيتو ويقول راجى الله ) وأظنها تقصد ( أعقلها ثم توكل على الله ) ، فبخرتها كانت القرض عند الحاجة ولا أجدها تميل للشب واللبان الضكر وكل شىء يرتبط بالدجل والخرافة ، حيث لاتعتقد فى قدرتها على طرد الجان كما يشاع ، وإذا أشتدت بها ( الزكمة - الزكام ) بخورها القرض ولم أراها يومآ تتعاطى عقارآ طبيآ أو تدخل صيدلية ولها طبها الشعبى الخاص بها وتعمل تركيبات طبية يعجز العلم الحديث عن معرفتها ، كنت فى مخاضة من الكرمبساوية لجزيرة ( جعدنات ) وفجاءة دخل جسم أشبه بطحال البحر فى ساقى اليمنى وحاولت نزعه بيدى فإنقطع الجسم وسالت منه دماء ، وخلال أيام معدودة إنتشر التالول فى كل مكان مرًت عليه الدماء من الركبة وحتى القدم محدثة تشوه واضحآ فى شكل ساقى . عندما أكملت المتوسطة ونجحت للثانوية العليا قلت لأمى لن أذهب للمدرسة الثانوية وهنالك يلبس الطلاب الرداء الشورت ورجلى يشوهها التالول . أرسلتنى لشقيقى على رحمة الله عليه بالخرطوم وعرضنى على كل أطباء الجلدية وعجزوا عن شفائى ، عدت لها بالبلد أجرجر أذيال الخيبة ومازلت عند رأيى بعدم الدراسة بالمرحلة الثانوية ورجلى التى يشوهها التالول ستصبح مكشوفة بإرتدائى للزى المدرسى الجديد . أطرقت قليلا وكأنى بها تبحث فى كنوز معرفتها العديدة ، ثم قامت وأحضرت أربعة ودعات كانت تحتفظ بهن فى ( سحارتها ) لشىء فى نفسها ، فلم تكن تؤمن بالودع ولا الوداعيات أو المنجمات . غسلت الودع بماء فاتر ثم وضعته فى فنجان وصبت عليه سائل الليمون وغطته . خلال ساعات محدودة تحول الودع وعصير الليمون الى مسحوق أبيض سميك شبيه باللبنة أو الزبادى ( لاحقآ أخبرنى مدرس الكيمياء الأستاذ كامل سنهورى بعطبرة الثانوية أن عصــير الليمون (CITRIC ACID) عندما يضاف للمحار (صدف البحر) الذى تكونت من أملاحه حبات الودع (كأملاح الكالسيوم CALCIUM وغيرها) يحدث تفاعل كيميائى بين حامض الليمون وتلك الأملاح ينتج عنها كالسيوم ستريت ، وأمك داوتك بالتى كانت هى الداء ، أنت أصبت وأن تخوض فى مياه البحر والدواء جاء من البحر ( نحن نقول للنهر البحر ) . غسلت طبيبتى ( أمى ) يدها وأخذت من المسحوق ومسحت فوق كل تالولة من التالول الذى ينتشر من ركبتى الى قدمى . خلال ساعات تحولت جميعها من لون بشرتى الداكن الى لون أحمر غامق ثم لون زهر فاتح ، فى اليوم الثانى تقرحت وتشققت وفى اليوم الثالث لم أجدها حتى على السرير الذى أنام عليه ، ولم أعد أفرق اي الرجلين كانت مصابة ، ولن أنسى علاجها لى من مشكلة رمد عجز عنه كل أطباء العيون حين تحولت عيناى الى قطعتين من الجمر الأحمر مما أخاف طلاب المدرسة أن تنتقل العدوى إليهم والبعض يخاف من شكلى المرعب ، تخيل أمامك إنسان أسود بعيون حمر فى لون الجمر المتوهج ، قرر السيد مدير المدرسة منحى إجازة مفتوحة للعلاج ، فذهبت لطبيبى وأمى التى لم تتردد فتوجهت ( للقيفة ) ( أنا بتعمد إستعمال كلمات ضاربة فى العامية الرباطابية لإحيائها من جديد ) ومن شجر الصنط الذى ينتشر فى القيفة مع مجرى النيل أحضرت كمية من الصفق فى قفه صغيره . قامت بإختيار الصفق (الرخص) منه ووضعته فى حلة ألمونيا نظيفة وأضافت عليه الماء وبعد غليه جيدآ على النار أخذت السائل ووضعته فى إناء وغطته ووضعته تحت الزير ليبرد حيث لم تكن لنا ثلاجة بالطبع ، تحول السائل الى محلول سميك أقرب لعسل النحل الطبيعى ، أخذت المرواد وبدأت تكحل عيناي به صباح مساء . فى اليوم الثالث تقطع اللون الأحمر الى قطع أشبه بقطع السحب فى السماء ، ثم خرجت لتصبح عيناى صافيتان ولم أعانى بعدها أى مشاكل فى العيون لمايزيد عن 44 سنة ، وفى وقت لاحق أشرح لكم كيف تعالج مريض السحائى بالقرض وكيف تعالج الإمساك وإلتهابات المستقيم بنخالة ثمرة الحنضل على شكل تحميله داخل لفافة قطن . كانت موسوعة رحمة الله عليها .
كانت طبينا وطبيب نفسها ، عندما تقدمت فى السن عرضتها على البروفسير عبد الرحمن محمد موسى قبل وفاتها بأشهر قليله عندما شعرت أنها بدأت تفقد شىء من وزنها مع بعض الشحوب ولكن بعقل كامل والحمد لله ، فقال لى بروف عبد الرحمن موسى عندما أحس بأنها إمرأة غير عادية ووجدها قد تجاوزت الثمانين وليس بها مرض من أمراض هذا العصر كالسكر أو زيادة ضغط الدم أو غيره ، أحكى لى عن سيرتها ؟ فقلت له كانت تعمل صباح مساء وإذا مرضت تداوت بعلاجها البلدى الذى تصنعه بيديها ، حتى حبوب دوار البحر التى تعطى للحجاج فى بورتسودان قذفت بها وأخذت جرعة ماء لتوهم المختص أنها تناولتها . أنا أصغر أبنائها وبعد تخرجى وأغترابى بالسعودية سعيت جادآ على أن تخلد للراحة التامة وأمنت لها كل إحتياجاتها الضرورة ومنعتها من العمل ، فقال لى : ماكان لك أن تفعل ذلك ، العمل والحركة كانا يفيدانها كثيرآ وقد حرمتها منهما ، فكانت إمرأة عاملة من الطراز الأول وحكيمة لديها دواء لكل داء ولو حضرت زمن الإيدز والفشل الكلوى أو أحيطت بهما خبرآ لوجدت لهما العلاج الشافى ، تعالج وتضفر وتمشط وتطهر البنات طهارة فرعونية كاربة لو نفذت فى هذا العصر لخلقت مشكلات نفسية للرجال ولأقلعوا عن الزواج فلكل زمان رجاله وطهارته ، وبالإضافة الى كل ذلك كانت داية بلدية ماهرة خرج العديد من المواليد على يديها ولم تحدث لها طيلة حياتها أى مشكلة أو ترتكب خطأ فى مهنها المتعددة . كانت الوحيدة من بنات جيلها فى منطقة الرباطاب التى تجيد بناء الأفران البلدية من طين البقادة وتصنع الخبز البلدى من القمح ولديها جرة (قدره) فول لاتنطفىء نارها فى البيت وتمنعنا من أكل الكسرة بالويكة ، وتقول الكسرة بالويكة بتكسر عضم الولد وتحرص على أن يأكل كل واحد منا حنونة ( عيشه صغيرة تصنعها لنا خصيصآ ) لنأكلها ونحن نشرب شاى الصباح من لبن الغنم الصافى مضاف له كتحه الشاى الحب فنشرب كبايتين أو زيادة نعود لنفطر فول وعيش فى زمن لم يسمع به أهل منطقتنا بالفول والرغيف لأنه كان فى تلك الفترة أكل ناس صعيد مصر والمدن وناس البلد ناس سمبوسة (قراصة) وفطير من قمحنا زرع يدنا فكنا نأكل مما نزرع حقيقة ليس كلام للدعاية كما يحدث اليوم . تعلمت بناء الأفران وخبر الرغيف وطهى الفول المصرى من جيرانها النقاده فى أمدرمان وبربر ونقلت هذه المهن معها للبلد مع جرة فخار قناوى لطبخ الفول المصرى . تعمل أى عمل ولاتتعفف ، أورثتنا هذا الحس الإيمانى الكبير بعدم الإتكال أو السؤال لغير الله ، والهمة الشديدة فى العمل فلم نعرف الفقر منذ أن خلقنا كما لم نعيش الترف والرفاهية كنت صورة مصغرة منها طالب وبناء ومعلم زبالة وأحفر الأ بار ومهندس وبفضل تربيتها لنا تعلمت أحدث علوم العصر الحديث من تقنية المعلومات وأعمل حاليا كمختص فى بناء قواعد البيانات على نظم المعلومات الجغرافية MODELLING OF GIS Dbase وكل شىء فى حياتنا بعد الله سبحانه وتعالى نرجعه لها ، كانت تكره كل عاطل أومتسول ، فكانت تسخر من المداح الذين يجوبون مدن وقرى السودان على ظهور حميرهم أو فى القاطرات يضربون الطار ويمدحدون طالبين الصدقات ولم تفتح بيتها لهم أو تقدم لهم الصدقات كما تفعل بنات جيلها ، فأورثتنا هذا الحس الإيمانى العميق ، لذا تجدنا الأن نسخر كثيرآ من هذا الهبل والخرافات والبدع الضالة التى تقدمها قناة ساهور وقنوات فضائية سودانية عديدة من بدع تحت إسم الذكر والذكر منهم براء ، فلا ذكر غير كلام الله ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون- الحجر 9 ) فهذا نص قرأنى واضح يحدد ماهو الذكر ومن المفارفات أن تنتشر هذه البدع فى زمن تعلن فيه الدولة عن مشروعها الحضارى ، فهل الشعر الذى يؤلفه الشيخ البرعى أو الشيخ المصطفى وإن كان فى خير الخلق محمد ص كلام نزل من عند الله تعالى حتى نسميه ذكر ، تعالوا نبحث له عن إسم جديد كأن نقول عنه شعر أو مدح ولانقول ذكر ، خافوا ربكم ياناس ، ونسأل الله السلامة . نحن نعرف لماذا هذه البدع تجد التشجيع من الدولة اليوم ، أنه البحث عن الكسب الدنيوى الرخيص لمؤيدين جدد للنظام من أتعباع مشايخ تلك الطرق الصوفية فقد كانوا بالأمس مع نميرى واليوم مع البشير ولاندرى مع من غد ، حيث يطرحون نفسهم لكل حاكم موجهين البسطاء والسذج من أتباعهم لزيادة عدد منسوبى الحزب الحاكم فى كل مرحلة نسأل الله لهم المغفرة ونرجو أن يعودوا لرشدهم ويطلبوا التوبة والمغفرة ، ونرجو لرجال النظام الذين خبرناهم أثناء سنوات الدراسة راشدين فاضلين ينكرون كل هذه الأفعال ويصنفونها فى خانة البدع الضالة وكانوا يحاربونها بيدهم التى كانت تحمل السيخ والعصى وليس بلسانهم ، ومازلنا نذكر مواقف شجاعة تحسب لأخينا عبد الرحيم محمد حسين وإخوانه خيرى وعبد الله سليمان والبقية من الطلاب المنضويين تحت تنظيم جماعة الإخوان المسلمين فى زمن جاهليتنا عندما كنا نقيم الحفلات الغنائية ونأتى بالمدام المسكر كعادة أهل السودان فى أيام جاهلية القرن الماضى ، لن تنسى الذاكرة كيف كانوا جماعة الكيزان يهجمون مسلحين بالسيخ الحديدى والعصى ويحطمون كل مايقع بين يديهم ، خاصة عندما يكون منظم الحفل عدوهم اللدود جماعة الحزب الشيوعى ، فكانوا بتصرفاتهم المستهجنة من قبلنا فى تلك الفترة ، يذكرون الناس بربهم كلما إبتعدوا عنه ، فأفترقنا بعد التخرج وبقوا هم بالسودان يخططون للسطو على السلطة وهاجرنا نحن للسعودية طلباً للمغفرة والرزق الحلال ، فتبنا لله وصلينا وذكينا وصمنا وطفنا بالبيت معتمرين وحاجين وإن شاء الله مغفورى الذنب ، كنا سفهاء ولم نكل بطل والمثل بيقول : أرجى سفيه ماترجى باطل . ما أن عرفنا الله حق معرفته حتى أسرعنا للزواج مكملين نصف ديننا فى سن مبكر بفضل الله ثم بفضل الإغتراب والعمل بالسعودية تلك الديار الطاهرة التى أسهمت فى هداية وتقويم العديد من شباب الأمة الأسلامية من سودانيين وغيرهم . فى السعودية سلكنا الطريق المستقيم وتزوجنا ورزفنا البنت والولد ، لنجد أن الجماعة التى كانت تحرم علينا الغناء والمديح ولاتشاركنا حتى الإحتفال بالمولد الشريف ما أن وصلت لكرسى الحكم غيرت فكرها وأصبحوا يكرمون المديح والمداح ومشائخ الطرق الصوفية ويرسلونهم بطائرات الدولة للعلاج بالخارج وهم يدعون علاج المرضى ويعجزون عن شفاء أنفسهم ، ويحتفلون بالمولد النبوى ويحيون بدع عديدة فما الجديد الذى طرأ على فكركم يامن كنتم تقولون الدين بحر ونحن له كيزان نراكم اليوم تتنازلون عن العديد من ثوابتكم ؟ فقد عاشت ومات أمى الجقلبية وهى على ثوابتها ، فقد كانت أمى نفيسة بت على ودجقلبية لاتسأل إلا الله ولاتخاف إلا الله ، وكانت دون غيرها من نساء جيلها لو إحتاجت لحطب حريق أو قشقش للعواسة( مش أش أش بتاعت المديح ) كانت تذهب وتأخذ حاجتها من ضريح الفكى الحسين أو الحاج بابكر ( تنطق بضم الكاف ) الممتلىء ببقايا شجر الدوم والصنط والنخيل اليابس ، بينما بقية النساء فى تلك الفترة كان لديهن إعتقاد بأن الفكى الحسين والحاج بابكر يضران وينفعان فيتجنبن أخذ حاجتهن من الحطب من ضريحهما حسب إعتقادهن ، حيث يتداول بين أهل البلد أن رجلآ مرً وهو على ظهر جمله بضريح الفكى الحسين ووقف ليشبع جمله من فروع شجر الضريح فألتقت الجمل فرعآ وكضم حتى مات ( كضم دى قد تحتاج لشرح لأجيال اليوم )، إلا أمى نفيسة الجقلبية كانت قوية الإيمان بربها ولم أسمعها تنادى بإسم شيخ أو سيد أو تقدم قربان لأحد منهم وتأخذ حاجتها من مزارات هؤلاء الفقراء ولم ( تكضم ) إلا أن توفاها الله بعد أن تجاوزت الثمانين بثمانية ، وقد قال عنها إبن أخيها محمد عبد الواحد عمارة ( والله عمتى دى لو إتعلمت كانت هسع رئيس للحزب الشيوعى السودانى ) لأفكارها المتحررة ولمخالفتها لبنات جيلها ، لكنها كانت كثيرة الصلاة والقيام والصيام قليلة التصدق إلا ماندر لضيق ذات اليد ، وفى آخر عمرها عندما كبرت ( طلقت - الخرف ) بالصلاوات الكثيرة ، تصلى الفرض أكثر من مرة وتنسى أنها صلته ، فأتصلت بى شقيقتى مريم تبلغنى بذلك فقلت لها : أتركوها والحمد لله أنها مازالت حتى آخر أيام حياتها تصلى الفرض مرة ومرتين وماخرفت بالسباب والشتائم كما يحدث للبعض ، فماتت طاهرة متوضية ومصلية ، ألا رحمة الله عليك يا أمى وأستاذى . عملت مع أبى فى تجارة تهريب السلاح بين تسني والشوك فى ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضى إلا أن تم ترحيلهم بواسطة الجيش أيام حرب الطليان والأنجليز بشرق السودان وقد ذكرت لى أن ناقلة الجند أو الدبابة التى حملتهم كانت بقيادة الضابط حسن بشير نصر على ما أذكر ، وكانت وكانت وكانت فهى بحر لاتسعه القوقل والياهو . أذكر أن إمرأة فى بلدنا جاءت لأمى وقالت لها يانفيسه ماتجى نمشى كدباس للشيخ الجعلى يعزم لينا على قلم أولادنا الماشيين اللجنة ( واللجنة يقصد به الإمتحان للمتوسطة بأبى حمد ) فردت عليها أمى : يافقيرة ( وهى كلمة دائمآ ماترددها لأن الكل فقير لله ) يافقيرة أما تختشى من ربك وكانت تنطقها ماتختشى على ربك ، هسع الشيخ الجعلى بنفسه أكان مشى معاهم اللجنة وأمتحنوه بينجح ؟ فذهبت المرأة تطنطن وتقول أن الجقلبية منكرة فى الصالحين وحتضيع ولدها ، فذهبت أنا لأبى حمد ونجحت وعاد إبن تلك المرأة خاسرآ لأنه كان ضامن النجاح بسبب قلم قرأ عليه الشيخ ، فقالت لها أمى : ماقلت ليكى يافقيره أرمى حمولك على ربك ، هذه هى أمى التى كانت لاتقرأ ولاتكتب وماتحفظه من السور القصار لايتجاوز أصابع يدها الواحدة وكنا نصحو كل يوم على دعائها بعد صلاة الفجر وهى تقول صباحك رباحك وتكفينا شر عدمك وقماحك ، أحفظنا ياحفيظ فى كمك اليمين ، أحفظنا ياحفيظ ياحافظ السيف فى الجفير وياحافظ المويه فى البير وياحافظ البيضة لمن تفقع وتطير، عليك رحمة الله يا أمى نفيسة الجقلبية ، فهى غير كونها أمى فقد كفلتنى وأشرفت على نفقات تعليمى بعد أن تزوج أبى من زوجته الرابعة فاطمة بت جاد الله وهى رباطابية أصيلة من سكان منطقة كركوج بالنيل الأزرق ، فنقل بعض الخبثاء أمر زواج أبى لأمى وأوغروا صدرها ضده وهم من كان يظن فيهم الصديق الوفى ، فبنقلهم الخبر مبكرآ منحوها فرصة لتقوم بتسييل كل البضاعة التى بدكان أبى الى نقد ( ريالات أب عشرين ) قلت لها القروش كلها كانت كم جنيه ؟ قالت لى ماعديتهم لكن الكيلة حقت الدكان تمسحتها لى خشمها ريالات وذهبت للعبيداب وأودعتها عند كرار ودفاضل لأنه رجل يحفظ الأمانة ومشهود له بحسن الخلق ، ولأنها ذكية تعرف عند من تضع أمانتها . عند عودة والدى لم يجد سوى بكرة ( ناقة ) مصابة فى عينها اليمنى عندما إصطدمت بجذع نخله ودخلت ( كمروقه ) فى عينها ، فلم تجد أمى من يشترى ناقة بعين واحده وبندقية رمنتول لاتطلق رصاصه ، فكانت قوية ولاتخشى إلا الله ، ففقد والدى كل ثروته وكفلتنا هى إلا أننا كنا ندين بحب للوالد لعلمنا أننا نعيش من خيره ولكن لانجرؤ لمثل هذا الحديث أمامها ويشهد لها كل أهل البلد أنها من جمع تلك الثروة بكدها وجهدها مع أبى ، فترك لها ابى كل ثروته المنقولة مع مسئولية كفالتنا وأعتمد على أصوله الثابته من مزارع وجروف ونخيل إلا أن توفاه الله فى العام 1980م فكانت أمى اول من يلحق به بعامين فقط من زوجاته الأحياء الثلاثة .
أبى كان فارس من فرسان قبيلة الرباطاب فى زمن كانت فيه الفروسية ضرورة ولو لم يكن فارسآ لماتزوج بفارسة مثل نفيسة الجقلبية ، أحبته كثيرآ وأنجبت له عائشة وعثمان ومريم وعلى يرحمه الله وبخيت وفاطمة وسلمان ومجذوب يرحمه الله ، فقد كان مزواجآ ولكنه كان دون شك يتمتع بحب زوجاته جميعهن ، ومايؤكد حب أمى الجقلبية الشديد لأبى أنها لم تغفر له زواجه عليها من فاطمة بت جاد الله التى أنجبت له تاج السر وعماد الدين يرحمه الله ثم زواجه من حضرية بت الأمين والدة الخواض والملك ومبارك يرحمه الله وأبوزيد علمآ أنها كانت الزوجة الثالثة فقد تزوج قبلها بنت عمه الدقاقة التى لم تنجب له فتزوج من التومة بت صديق والتى أنجبت له أحمد وأمنه يرحمهما الله ، فورثت أمنه كل شجاعة أبيها تاركة لأخيها أحمد طيبة قلبه وصفاء سريرته، ولم يتركا لنا شيئآ من صفاته الطيبه سوى ( سخونيته - حماقته وحرارة قلبه ودى كانت كفاية ) مع النجاض الذى ورثناه من أخوالنا الجقالبة أنجض من مشى على قدمين . كنا نداعب الوالدة الجقلبية ونقول لها يايمه نسوان أبونا الجداد ديل فاطمة بت جاد الله وحضرية بنت الأمين سمحات ولونن أبيض عشان كده أبونا تزوجهن ، فتقول لنا : لا لا ديل مش نسوان بيض البشرة ، ديل عندهن الدم الأبيض ، أى أن ضراتها مريضات بزيادة كرويات الدم الأبيض وليس بيض بشرة طبيعى ، ونعود نذكرها بأنها فى زمن العشق والهوى تغزلت فيه ومدحته قبل أن يتزوج عليها قائلةً :
أبحمد قمر عشره الطمح فوق جيله كم درج رجال والليلة نكروا جميله
رحمهما الله رحمة واسعة ورحم أبى أسماعيل أب أحمد وزوجاته الخمس الدقاقة والتى تزوجها من بعده شيخنا ود حاج نور والتومة وبت جاد الله وحضرية وشقيقته الوحيدة أمنه وشقيقيه دياب والأمين وذريتهم من الاموات محى الدين الأمين وعلى إسماعيل وبابكر دياب ومبارك أسماعيل وأبناء آمنة بت بخيت دفع السيد ومحمد أحمد وبخيت وعائشة رحمة واسعة .
ونلتمس من كل من يزور هذه المدونة أن يترحم عليهم فالميت فى حاجة للرحمة كما الأحياء
أب أحمد كان رجلآ عظيمآ عفيفآ طاهرآ من يعجب بها يتزوجها ولا ينظر إلا لمحارمه ، لا يعرف له أهل الرباطاب إلا شجاعته التى أورثنا جزء منها مع كل شىء من السخانة المصحوبة بالتسرع التى تسمى فى زمننا هذا بالحماقة - لذا لا أنا ولا أحد أبنائه يصلح أن يكون بينكم فى موقع قيادى برابطة أبناء رباطاب وسط الخيرية ، وسأكتفى فقط بإدارة المدونة وتولى مهمة الربط بين أبناء رباطاب وسط فى المنطقة - مدن السودان - دول المهجر لوبتريدوا لحين إنعقاد المؤتمر العام الأول وتسجيل موقع للرابطة يدار من داخل السودان بواسطة اللجنة التنفيذية بعد أن تسلم اللجنة التمهيدية مهمتها
فمن أنا :
ولدت بساقية الأقروساب قرية عتمور بمنطقة وسط الرباطاب فى يوم ما من شهر ما من العام 1948م بعامين من تساب 46 ولو لم يكن فى ذاك العام تساب ( فيضان ) لما عرفت فى أى عام ولدت وسمانى والدى على صديقه الملك سلمان عثمان أبوحجل ملك عموم الرباطاب وكان والدى ينادينى بأب حجل وأمى تنادينى بملك الزومة حيث كانت الزومة عاصمة للرباطاب أرجو أن يحذوا أبنائها حذونا ليعيدوها سيرتها الأولى ويجتمع كل أبناء الرباطاب فى يوم ما لتكريم الملك سلمان عثمان أبوحجل والملكة آمنة بت عطا الفضيل والعمدة دقرشاوى ومفضل الحسين وودبيناوى والملاوى وعلى عمر البشير وحاج الأمين نور العتامرة ، وعماد نهضتنا الزراعية الحديثة السادة أحمد محمد كرز ومحمد على مصطفى ( أمحمد ودعلى ) وخضر على مصطفى وبقية العقد الفريد من أهلنا الرباطاب بدآ برائد الحقل الصحى بمنطقتنا خليفة الشيخ وفنان المنطقة أحمد عمر الرباطابى ، غفر الله لهم جميعآ ورحمهم برحمته .
لا أعرف يوم ميلادى ولكن كنا نرسل حينما نبلغ الصف الرابع الإبتدائى لمستشفى بربر الحكومية ويكشف علينا حكيمباشى المستشفى الدكتور المصرى محمد عبد المنعم بفتح فمنا ومعاينة أسناننا كما الخراف أو الحمير فى سوق المواشى ليقرر الطبيب أنه بالبحث فى سجل المواليد للأعوام 49م 50م 51م لم نجد إسم سلمان إسماعيل بخيت على مسجلآ وقد تم تقديره من مواليد بربر 1/1/1950م وكان فى السابق لدينا أساتذة إنجليز فى المدارس الثانوية وجاء الأستاذ ديفيد كنج ليشرف مع عدد من مدرسي مدرسة عطبرة الثانوية على إمتحان طلبة الصف الرابع بأبى حمد الوسطى ففوجىء بأن غالبية الفصل من مواليد بربر 1/1/1950م فأستغرب HOW IT HAPPENS فقلنا له لايذهب تفكيرك بعيدآ ، فليس لدينا ولا أبناء جيلنا فى غالبية قرى السودان شهادات ميلاد لأن الداية آسيا الحكيمة ومثيلاتها ليس لديهن سجل حصر مواليد ويعود ذلك للأمية التى كانت بنسبة 100% بين النساء و99.99% بين الرجال فى تلك الفترة ، وخوفا من أن تطل الأمية برأسها مرة أخرى مصحوبة بأمراض الأنيمياء والسل ومشاكل العصر الحديث فى زمن رفعت فيه الدولة دعمها عن كل شىء إلا دعم أمنها الخاص وقضايا مثيرى الشغب والحروب والدمار بدارفور والشرق والجنوب ، وبعد أن أخذ الجنوبيون نصيبهم فى الثروة والبترول والباقى خصص لتلك المناطق الساخنة وأمن الدولة وحكامها ، لتحرم منطقتنا ومثيلاتها حتى من الفتات ، لذا أرسل هذه الصيحة التى جاءت متأخرة جدآ . أعذرنى وطنى الصغير ( الرباطاب ) فقد كنت مهمومآ مغلوبآ بهم عيالى وتربيتهم وتعليمهم الذى سينتهى بإذن الله فى هذا العام بعد أن يتخرج من الجامعة آخر العنقود بفضل من الله سبحانه وتعالى ، لذا أعاهدكم يا أهلى وياعشيرتى وعزوتى وقوتى وسندى أن أخصص ماتبقى من أيام حياتى لأجلكم وأنا أنهى عقدى السادس متجهآ نحو العقد السابع بإذن الله
لماذا هذا النداء؟ ولماذا الأن ؟
نحن والعياذة بالله نعيش حاليا فى عصر الجهوية والقبلية الضيق ، فقد خرجنا من ثوب السودان الوطن الواحد العريض الى جلباب القبلية الضيق مكرهين بعد أن وقف خلف كل قبيلة رجل يقاتل الدولة ، لنقرر نحن أبناء رباطاب وسط الخروج معها وليس عليها مسنين سنة حسنة بإنشاء حركة تقاتل الجهل والمرض ولاتقاتل البشر . عليه أدعو عشيرتى وأهلى من أبناء قرى الرباعى المتجاور المتجانس ( كرقس العبيداب عتمور وأمكى شرق وغرب ) فأنا من العتامرة وتربطنا صلة المصاهرة مع ال الهدع وصلة القربى مع ال أبولكيلك والسمانية بأمكى ، وتربطنا صلة المصاهرة والقربى مع العبيداب عشيرة الحاج الشموك زوج شقيقتى عائشة يرحمه الله وتربطنا صلة مصاهرة خالى أمحمد ود على ود جقليبه يرحمه الله بآسرة آل الملاوى بكرقس ولو رجعنا للأنساب نجد أن الجد واحد ، وكلكم لأدم وآدم من تراب ، وسوف أنشر لكم صحيفة نسب الرباطاب فى مكان ما على هذه المدونة .
أدعوكم يا أبناء الرجل الواحد لكى نتوحد ونشكل رابطة خيرية تقدم الخدمات الصحية والتعليمية والإجتماعية لأهلنا وليس رابطة أو منظمة خيرية كتلك التى تبحث عن الدعم والتمويل من البنوك التجارية لتسهم فى زيادة مشاكل أهل السودان وإفلاس العديد من البنوك ، بل نحن نسعى لبناء مؤسسة حقيقية مصادر مالها حقيقية ، هى سواعد أبناء رباطاب وسط المخلصين وأهل الخير والمحسنين فى الداخل والخارج ، فأعود لأذكركم مرة ثانية بقضايا منطقتنا ، فقد أطلت الأمية بوجهها القبيح على منطقتنا من جديد فى زمن رفعت فيه الدولة يدها عن دعم التعليم والصحة والرعاية الإجتماعية وأصبح كل شىء من مسئولية المواطن والأمية هذه المرة لاتعنى القرأة والكتابة ولكنها أبعد وأخطر ، نحن نعيش عصر المعلومات INFORMATION AGE فقد ولى العصر الصناعى INDUSTRIAL AGE الذى كانت القرأة والكتابة فيه فقط شهادة للمرور تؤهل صاحبها للعمل والعيش الكريم وخريج المتوسطة أو جبيت الصناعية كان يفتح بيت أهله ، أما اليوم فالتعليم الجامعى عبارة عن فتح شهية للمزيد من العلم ، ولابد من الدراسات العليا حيث حملة البكلاريوس يهيمون على وجههم فى الداخل والخارج بلا توظيف ، فهل التعليم المتاح لصغارنا فى منطقة رباطاب وسط حاليا يؤهل أبنائنا وبناتنا للدخول لجامعة الخرطوم والجامعات الأخرى لدراسة الطب والعلوم الطبية ، الهندسة والعلوم التقنية الأخرى وعلوم القانون . أشك فى ذلك فلم أعد أسمع بمدرسة عتمور الثانوية بنات من بين المدارس المتميزات ؟؟؟ لذا أستنهض أهلى وعشيرتى وخاصة أبناء منطقة ( رباطاب وسط ) بالعاصمة المثلثة ومدن السودان الأخرى وفى بلاد المهجر لجمع الصفوف والتكاتف والإتجاه نحو حصر مشاكل منطقتنا ووضع الحلول لها والنهوض بها فى المجالات التعليمية والصحية والإجتماعية ولاتتوقعوا أى دعم من حكومة المركز بالخرطوم أو حكومة الولاية بالدامر فالسودان بعد نيفاشا وابوجا وإتفاقية الشرق قادم على مستقبل مظلم بل أسود وشهد بذلك شاهد من أهل الإنقاذ ، فقد تابعت حديث المهندس الطيب مصطفى خال الرئيس ومدير عام سونا والتلفزيون السابق فى برنامج ( محاكمة ) الذى يقدمه الأستاذ هيثم كابو فى قناة هارمونى منتصف ليلة الجمعة 5 رمضان 1429هـ حين قال ( لو إستمر الجهاد فى سبيل الله لما جاء أوكامبو ، ولو إستمر الجهاد لما حدثت نيفاشا التى أوصلتنا لكل هذه المتاهات ولما وصلنا الى ماوصلنا إليه ) هذا رأى شخص ترك وظيفته بدول الخليج وجاء مهرولآ لتولى مناصب عليا ماكان يحلم بها لو لم يكن خال الريس فكان من بين المحرضين للشباب السودانى المسلم للجهاد فى الجنوب من خلال جهاز التلفزيون ذو التأثير الفعال وما أن يعلن عن موت شاب فى حرب الجنوب حتى يأتى عرابهم الترابى ويقيم له عرس الشهيد ويطلقوا البخور ويقولوا زوجناه من الحور العين فى الجنة ، وعندما أدرك الموت إبنه البكر بمصطفى
فى أدغال الجنوب من أجل قيام دولة الإسلام بدأ الرجل يتغير ويتحول لداعية للإنفصال وكأنه بعد نيفاشا يريد أن يقول لنا أنه يتحسر على ضياع دولة الإسلام فى السودان ويتحسر على فقد إبنه مصطفى والرجل معاه حق فقد فلذة كبده وفقد دولة الإسلام الكبرى التى كان يحلم بها ، ومالم يعجبنى فى حديث الطيب مصطفى رده على إتهامه بأنه رجل دكتاتور وتشبيهه لسلوكه العنيف بعنف سيدنا موسى مقارنة بشقيقه هارون وبعنف سيدنا عمر مقارنة بالخليفة الأول أبوبكر وكنت أتمنى لو قارن نفسه بدكتاتوربة شاوسيسكى أو الجنزال فرانكو أو حتى نميرى بلاش نقول لك واحد من جماعتك تقوم تزعل علينا ، فأين أنت يا الطيب مصطفى من عمر بن الخطاب الخليفة العادل حتى تشبه نفسك به أو حتى تسمح لنفسك بضرب مثل ثم تتجاوز كل الحدود وتأخذ من سلوك نبى الله موسى مثلآ تبرر فيه قسوتك فى تشريد الناس من وظائفهم ، فالأنبياء جاءوا للرحمة ليس للظلم ( إتق الله وأرجو أن تقدم إعتذارآ من خلال نفس القناة وتقول أنك أخطات حين شبهت نفسك بنبى الله موسى وبالخليفة العادل عمر وأرجو أن أكون قد أخطأت السمع ، فالرجل لايملك أى مقومات سوى أنه خال الريس ودى لوحدها مش كفاية ياشيخ الطيب لأن الملك لله يعزً من يشاء ويزلً من يشاء ) . فالنترك حديث الطيب مصطفى المثير للجدل ونعود لإتفاقية نيفاشا وما أعقبها من إتفاقيات مشئومة فى الشرق والغرب ، أتت بالمتمرد والخارج على القانون من قتلة وقطاع طرق ليكونوا شركاء فى الحكم ، فى تجاهل واضح لقوله تعالى ( وأطيعوا أولى الأمر منكم ) وقوله تعالى ( لن ترضي عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ) ولتسـن لنا الدولة سنة سيئة حين تأتى بالخارجين على القانون وحملة السلاح الغير قانونى ومروعي الأمنين والقتلة وتجلس معهم وتوقع إتفاقيات خطيرة معهم دون إجماع عليها من أهل السودان ويؤتى بهؤلاء المتمردين للقصر معززين مكرمين نوابآ ومساعدين ومستشارين لرئيس الجمهورية ووزراء وعندما تستفحل المشاكل تطرح الحكومة حلآ بإسم أهل السودان . أين كان أهل السودان طيلة 20 عامآ ؟ هذه مشكلة الإنقاذ وعليها أن تحلها أو تحل نفسها ، فكما قال الشيح على عبد الرحمن الضرير وهو خارج من إحدى جلسات البرلمان فى رده على سؤال أحد الصحفيين : ماهو الحل ياشيخ على ؟ فرد عليه دون أن يتوقف : الحل فى الحل ، لنرددها مرة ثانية ، فلتذهب الإنقاذ مع شريكها فى الحكم غير مأسوف عليهما ، هذا الشريك المشاكس الذى يختلف معها فى العقيدة ، الذى قال أمينه العام باقان أموم فى وصفه للحكومة بالفاشلة والفاسدة وعديمة النضج ، فإذا كان هذا رأى شريكها الذى إقتسمت معه الثروة والسلطة ، فماهو رأى بقية أهل السودان ؟ اللهم لاشماته ، وسيعلمكم أبناء رباطاب وسط كيف تسن السنن الحسنة حين يجمعوا المال لا لشراء السلاح والخروج على الدولة وقتل الأبرياء ولكن لمحاربة الجهل والمرض فى منطقتنا ، فمنا تعلموا يادكتور خليل ويا أستاذ عبد الواحد ويامني وياجماعة الشرق التى تمردت على النظام واليوم تتمرد على نفسها وتنشق ، فمن ألف الخصام لن يستطيع العيش فى سلام حتى وإن كان مع نفسه ، فتعالوا لنعلمكم كيف تبنى الأوطان وكل مانطلبه من الدولة أن ترفع عنا ضرائبها وذكواتها وجباياتها القسرية ودمغات جريحها وشهيدها الذى تدعيه لنوجه كل طاقاتنا لأبناء منطقتنا ، هذه المنطقة هى الوحيدة فى السودان التى لم تطلق فيها رصاصة واحدة لمايزيد عن المائة عام إلا من صائد أوز أو غزلان ، منطقة الطهر والبراءة التى لايعرف أهلها لاصناعة ولاشرب الخمور والدليل أن عمتنا شاية لم تميز بين الخمر والكيتى كولا عندما زارات الخرطوم ، وقد تكون المنطقة الوحيدة فى السودان التى تتفرد بهذه القيمة العالية ، إنها أطهر منطقة فى السودان وشعبها شعب كريم صابر يستحق كل ذلك وأكثر من أبنائه فى زمن غياب الدولة .
الإخوة أبناء أمكى وكرقس وعتمور والعبيدان أبناء من تعايشوا فى أمن وسلام لعشرات ألاف السنين:
لقد قدمت لنا منطقتنا الكثير الكثير ولم نقدم لها أى شىء ، ترعرعنا وكبرنا فى بيوت طينها ورواكيبها وجروفها وجزرها ونمنا فى برودها على العنقريب الكراب نحرس التقاة أيام النوريق حفاظا على محصول القمح ، ونربط السوسليلة بين جزوع أشجار نخيلها ونلهو ، نجرى خلف أم قيردون يا الحاجة والكرورى والقمرى ، نقبض الجراد ونأكله حتى لو رش بمبيد حشرات فى تلك الفترة ولاسماد كيميائى قاتل يسبب لنا مرضآ ، حتى القبور ( بفتح القاف وتسكين الباء ) نقبضه ونضعه فى الشرك (الشركة ) طعمآ للعصافير والدباس الذى لايسلم منا هو الأخر فنأكله أو نضعه طعم فى النشاغة لصيد السمك وعندما ينعدم الجراد نذهب ( للصارقيل ) وفى وقت الدميره عندما ينعدم الصارقيل نلجأ للمعصود واللوزه ( واللوزة دى لمن لايعرفها لن يجد شرحها على المدونه ولكن يمكن أن يتصل بى على هاتفى لشرحها ) كنا نأكل أى شىء فالرباطابى لايبيت القوى ومواهبه متعددة ويأكل كل مايقع بين يديه وأمره على لله فى زمن لم نسمع لا بسرطان ولا بفشل كلوى .
فى العطلة الصيفية المدرسية التى تبدأ فى منتصف مارس وتنتهى بنهابة يوليو ، نرعى الغنم والضان فى وادى كرز وقت الجفاف ونحزم نبات التربه وكل ماتجود به طبيعة منطقتنا ونضعه على ظهر أقوى الخراف منها ونمتطيها مركبة ، نطلع ضكر النخيل ونجمع القراع لنوزعه بعدد شطور أناث النخيل ونكفى الأباء مشقة طلوع النخيل ، ونسد البوقة مع أهلنا ، كنا صغار ولكن منتجين ، وبالليل على ضوء القمر نلعب التر ولبدت ونلهو لنعود للبيت منهكين ، لو فى عشاء نتعشى ولو مافى نشوف باقى الغداء أو ندخل المرقون نجيب تمر من العدلة ونذهب للنوم فى العتنيبة للمقتدرين والعنقريب الكراب لإبن الفقير لأن المرتبة كانت رفاهية وإن وجدت فى بعض البيوت وهى فى الديوان فقط تفرش يوم العيد بس . ننام ملء جفوننا بى وسخنا وبقايا التمر فى الفم ممسكين على كورية التمر لتمر الوالده ونحن نيام وتضع الكورية التى غالبآ ماتكون فارغة جانبآ وفى يدها الأخرى طافور الدهن وتمسح جسمنا من الرأس للقدمين وهذا مايمنحنا الطاقة لنبدأ يوم جديد ، ولو لم نجد تمر فى المرقون مع عدم وجود عشاء لانتزمر أو نسخط ، نتسلق فى الظلام اقرب نخلة للبيت نكمرق تمرات قلب أن يصل لها أب ضربان بمايسد الرمق فى زمن الخير والنعم وليس فى هذا الزمان الذى دخلت فيه أشجار النخيل كنتونات وسجون صغيرة حيث سور كل شخص ملكيته الخاصة حتى لايسمح لناس سوقمى البشارية الفقيرة أن تجمع التميرات الواقعة فى زمن الهبوب ومن أين لها أن تجد بلحه واحدة والتمر فى أمه أخضر يغلف بكيس نايلون أو جوال حتى لاتسقط تمره واحدة أو يحط عليه طير أب صليعه يأكل من أم نقيره أو أم نص وأم راس لتكتب لسيدها الحسنات ، فالرحمة واجبة لكل كبد رطب حتى اب صليعه وسوقمى البشارية التى رحلت عن بلادى ولم تعد فى زمن إنعدام الرحمة . عندما نتعشى بقراصة بى لبن أو زيت وسكر نفرح كتير وفى حال العدم نملاها تمر ومويه ونخلد للنوم بنفس عراقى وسروال الدمورية المتسخ الذى كنا نلعب به التر ولبدت أو نلابق به أو نسد به البوقه لأنه لايوجد لدينا غيار ( والسبب أن البابا ماجابش البجاما من الترزى وماما نست تذكره لأنه نسى موبايله فى السيارة فى البيت وهى عرفت دا لمان شافت مفتاح السيارة فوق التلفزيون ) . ألم تلاحظوا معى أنى لم أحدثكم عن الحذاء ( الجزمة ) كنا نرعى حفاة ، ونزرع حفاة ، ونخوض فى الترع حفاة ونصاب بالحصر والبلهارسيا ونبول الدم ولانعرض على الطبيب إلا إذا عدنا للمدرسة الداخلية لتعالج الدولة ممثلة فى مدرستها أمراض جمعناها فى عطلتنا الصيفية ، ننوم ونصحى من نومنا مبكرين مع صياح الديك الذى يشاركنا السكن مع حرمه الدجاجة وسواسيوها ولانصاب بإنفلونزا الطيور ، ومع الفجر يعوعى الديك وهو يقف منتصبآ مزهوآ بريشه الجميل على نفس العنقريب الذى ننام عليه ، لنصحو غير مذعورين فقد تعودنا على هذا المشهد ومن العنقريب للخشش رأس لنقضى الحاجة دون ماء أو منادبل كلينكس طبعا حيث لاتوجد وقتها حمامات أو مراحيض بالبيوت ( فدرابة ) تكفى للنظافة حتى نذهب للعوم ( السباحة ) فى النهر للكبار والصغار يعومون فى البربخ بتاع البابور ، بينما الكبار يتوجهون للنيل لابغرض الإستحمام بدليل أنهم لايحملون معهم صابون أو بشاكير ، وإنما للغسل من الجنابة لمن أسعفته صحته أن يأتى أهله ليلأ فى تلك الليلة ، ونحن لم نكن ندرى لماذا يواظب هؤلاء الكبار على الإستحمام من مياه النيل يوميآ حتى فى الشتاء ، بل كنا سذج لدرجة أننا لانعرف كيف أتينا لهذه الدنيا ، فالأب والأم وكل العيال تضمهم غرفة وحوش واحد يحرسهم حياء الوالدين فلا تنشأ لدينا مشاكل أطفال هذا الزمن الذين تعرفوا على العلاقات الجنسية قبل أن يفقسوا من البيضة مزودين بثقافة آفة هذا العصر ( التلفزيون ) . مع الفجر يجتمع الجميع حول الأم وقدح النار ( وقدح النار هو بوتجاز ماما زمان - طشت قديم ملىء بالتراب مع 3 لدايات دراب أو طوب تسع المسافة بينها لكفتيرة الشاى الكبيرة لغلى ماء شاى الصباح ) الذى تتحكم فى توزيعه الأم حين تبدا بتقديم نص كباية شاى سادة للأب حتى لايصاب بالصداع حيث تعود على نص ساده ، مع كبايتين أو ثلاثة شاى بلبن الماعز أوالضان للجميع لتتدفأ معدة لم تتلقى وجبة عشاء مكتملة ، ليذهب بعد شراب شاى الصباح كل فرد من أفراد الأسرة الى همه ومسئوليته ، وقد يذهب الصبية للحواشة مع الأباء لو كان موسم زراعة الشتوى ( القمح ) أو الصيفى ( المريق ) بينما الأمهات يجمعن الواقود ( وهو حطب الحريق للعواسة والطبخ ) وقد يكون ( القشقش أى بقايا جريد النخيل والنباتات الأخرى اليابسة ) الأب يدبر مونة الأسرة من القمح من محصول الشتوى ومونتها من الذرة من محصول الموسم الصيفى ومن لايمكن مؤنة العام يكسر حاجته من الدكان عيش أو قمح مقابل نقد أو تمر أو جريد حتى ، ثم لتدبر النسوة من قرونهن الملاح فلا سوق للخضار أو اللحمة إلا إذا كان مقداد ود الرفاعى عنده ( جزر ) وأحضرت الأسرة ربع وقه أو نص وقه ويمها مابنغسل إيدينا بعد الأكل عشان نمشى نقول للاولاد شموا أيدينا نحن أتغدينا بلحم ( عندى صاحبى كان بيقول لى دى كانت أيام طيبة الله لا عادها ) . ففى بلدى لايموت إنسان من الجوع فقد تسعد اسرة بحرويل أوكانكيج كبير أو أكثر من سلبايه أو عره ( بولطى أو الشعور عند الخليجيين )أو دبسه عندما يسرق الصبية ثوب قديم أو فركه الأم دون علمها ويذهبوا يلابقوا السمك فى ترعة بخيته أو بحر الكركراب وفى طريق عودتهم للبيت يوقعهم حظهم العاثر بين يدي يس ود الرفاعى أو السفاح ود جاد الرب الذين يكبرانهم سنآ ويقلعا منهم حوتهم قلع عديل ليسلموه لهما دون إعتراض وعندما يبتعدوا عنهما بمسافة آمنة نقوم بشتمهما ورميهم بحجارة فى الغالب لاتصيبهم ، ألأ رحمة الله عليكما ، وعندما نبلغ سن السابعة وقد تكون الثامنة او التاسعة أو العاشرة للبعض ( دون ذكر أسماء حتى لايزعل شقيقى بخيت والأخ حمد ود أحمد وناس عارفين نفسهم كانوا يجوا داخلية أمكى الأولية ومعاهم توريق الحلاقة ) ، نرسل للمدرسة الأولية الداخلية بأمكى فشبعنا من خيرات الحكومات الوطنية ( حكومات أحزاب السيدين ) فى تلك الفترة الذهبية من تاريخ السودان ، التى كانت تؤمن الغذاء والعلاج والمسكن لأبنائها الطلاب بمراحل التعليم الأربعة ، فإمتلأت البطون من طبيخ الصفاء لله والرجاء فى الله الطباختين بداخلية مدرسة أمكى الأولية واللتين كنا نناديهما بالصفلله والرجفله ، لننتقل بعد أربعة سنوات دراسية ممتازة بإشراف مدرسين مؤهلين من خريجي بخت الرضا وليس مجندى الخدمة الوطنية ، ننتقل بعد النجاح فى لجنة الإمتحان دون الحاجة لقلم يقرأ لنا عليه شيخ طريقة صوفية لداخلية أبوحمد الوسطى لنعيش مع مطلع الستينيات أحلى سنوات العمر فى رغد من تعليم الدولة المجانى وغذائها المجانى وعلاجها المجانى ولولا سياسيات الدولة التعليمية فى تلك الفترة لما كنت صاحب مدونة إلكترونية على الأنترنيت أكتب بأكثر من لغة ولما أصبح إبن ذاك المزارع الفقير ( المزواج ) الذى لم يطالب والده طيلة حياته بشراء الأستيكة أو البراية أو القلم والكراس لأحد أبنائه ، حتى الدواية كان يمر الفراش كل صباح ويملأها بالحبر ، أما الكساء والحذاء فقد كنا فى الإجازة الصيفية ندق الطوب ونعزق بالأجرة ونقطع الجريد وندونق الفول ونكسى نفسنا ونفضل ، فمسئولية الأباء كانت الإنجاب فقط والدولة تتولى التعليم والتربية والأبناء يتمون الناقصة ، بينما أباء اليوم تولوا مسئولية التربية والتعليم وإتمام كل ناقصة مع التقصير الشديد فى مهمة الإنجاب إلا من رحم ربى . كانت لدينا وزارة تربية وتعليم وكانت لدينا معرفة ووزارة معارف ، فماذا ياترى نسمى مانراه اليوم ؟ أترك الإجابة لأخى وصديقى الدكتور المعتصم عبد الرحيم الحسن إبن ساقية الكركراب بقرية عتمور وأتوجه إليه بالسؤال التالى : هل كان سيكون الدكتور المعتصم من حملة الدكتوراة لو دخل المدرسة فى عهد الإنقاذ ؟
إنتقلنا بعد المتوسطة الى عطبرة الثانوية الحكومية وهنالك تعرفنا نحن واقراننا من ابناء المناصير على صديقين جديدين أضيفا لمائدتنا وقيل لنا أنهما يسميان بالباسطة والكنافة ، وحينما عرض علينا التفاح تخوفنا منه ولم نقًدم عليه إلا بعد أن شاهدنا أولاد المدن أكلوا منو وماجاتم حاجة ، لتمضى السنوات الأربعة الأخيرة حيث كان التعليم قبل الجامعى فى زمننا 4 إبتدائى 4 وسطى و4 ثانوية وكل المواد عدا الدين والعربى بالإنجليزية فكنا مميزين فى العربية أكثر من الإنجليزية ، وفى هذا الزمان يدرس الطلاب جميع المواد بمافيها الإنجليزى بالعربية ، ومستواهم متدنى حتى فى العربية . ففى زماننا كان كل من يصل لمنتصف المرحلة المتوسطة أو السنة الأولى الثانوية يكون قد بلغ سن النضوج والبلوغ ، بينما فى هذا الزمن تشاهد فى مدرجات الجامعة أطفال وقصر ، ففى زماننا كان الغذاء المتوازن والتدريب العسكرى الإسبوعى فى المرحلة الثانوية ( الكديت ) حصص الموسيقى وألات موسيقية واستاذ للموسيقى وأستاذ للفنون الجميلة لنغادر الثانوية الى الجامعات والمعاهد العليا بالخرطوم فى وعى ونضوج كامل ، وما أن حصلنا على شهاداتنا العليا ونحن فى نشوة للتخرج ورد الجميل للوطن ، يحل بالبلاد النظام العسكرى الشمولى المايوى المشئوم وبدأ إنسان السودان يكره اليوم الولدتو فيه أمه وبدانا نسمع بكلمات جديدة لم تكن فى قاموسنا - دولار بترول دول الخليج إغتراب مغترب معارضه عساكر ديكتاتورية - فأغتربت بعد 4 شهور فقط من نيلى للدبلوم العالى فى هندسة المساحة من معهد المساحة العالى الذى إنتقل من مبانى المعهد الفنى القديم ليصبح فيما بعد بكلية هندسة المساحة جامعة الخرطوم - وبعد 16 سنة إغتراب عدت فى العام 1988م لأدخل فى 15 سنة تربية وتعليم لأبنائى بدأتها بأكبرهم الذى كان وقتها فى الصف الخامس إلا أن تخرج طبيبآ ، فقد كان كل إستثمارى فى أبنائى والحمد لله ولا أملك شىء فى هذه الدنيا الفانية سواهم - نفذت كل مدخراتى التى جمعتها خلال 16 سنة إغتراب بالسعودية لأعود لها مشكورة حبيبتى السعودية فى يناير 2003م مغتربآ بخروج نهائى للمرة الثانية ، لتمضى قرابة الأربعين سنة منذ أن قلبنا ظهر المجن لمنطقتنا الرباطاب متفرغين لأسرتنا الصغيرة وابنائنا ومشكلاتنا الذاتية ، فحان وقت الحساب مع النفس وجاء وقت رد الجميل .
قد يقول البعض أن تحسنآ ما قد طرأ على منطقتنا من مشاريع خجولة وصغيرة لمياه نقية وكهرباء تمت بجهد نفر كريم من أبناء المنطقة وجاء كضرورة حتمية بعد إنتقال السكان والمساكن من المنطقة المحاذية للضفة الغربية للنيل تحت ( درب الحمير ) الى مناطق فوق ( درب الجمال سابقآ درب السيارات حديثآ ) ولمن لايعرف الفرق بين درب الحمير ودرب الجمال ، نقول أن من يركب جملآ لايمكنه أن يسير فى محاذاة المساكن ( البيوت ) سابقآ لأن أشجار النخيل تعيق حركته وكمان من يركب الجمل يكشف البيوت فيمنعوا من السير فى محاذاتها ، لذا يسير بجمله فى محاذاة العدوة التى تحولت الى منطقة مأهولة بالسكان والإنارة والمياه والمدارس والمستشفيات بينما فى السابق لانجد فيها سوى المدرسة الأولية والفكى الحسين وود جنة وطاحونة الحاج ود أمحمد ، ولكن هذه النقلة فى حياة رباطاب وسط 2008م مقارنة بحياة رباطاب 1948م تعتبر نقلة نوعية ولكنها ليست بتلك النقلة التى ترضى طموحنا وما نأمله لأهلنا بمنطقة رباطاب وسط من رقى وتقدم . الإخوة الكرام الذين اسهموا فى حل بعض مشاكل منطقتنا قدموا جهد لاينكر ولكنه جهد فردى من المقتدر أو المغترب لأسرته ، ولكن لدينا عشرات مئات الأسر ليس لديها مقتدر أو مغترب فنريد ان نتحول جميعنا لكتلة جسد واحد مقتدر ومغترب لكل اسرة بمنطقة رباطاب وسط ، فلاتظنوا أن ما قدم للمنطقة كافى فالمنطقة تحتاج للمزيد والمزيد متوفر فينا متى ما أتحدنا ، فقد جاء الوقت لأبناء منطقة رباطاب وسط واعنى برباطاب وسط ( كرقس العبيداب عتمور أمكى غربآ وشرقآ من السندة والكنيسة مرورآ بأم غدى حتى البابية ومحطة ابوديس ) تلك الشريحة التى ترقد على ضفنى النيل فى هدوء وسكينة . أدعوا وأستنهض ابنائها لتشكيل لجان الخدمات التعليمية والصحية والإجتماعية فى الداخل والخارج ، نحرك طاقاتنا الكامنة لحل مشاكل أهلنا وأظنكم تتابعون معى أن الحكومة منذ عقدين مشغولة بدارفور والجنوب والشرق والنيل الأزرق والفور والزغاوى والمساليت وأبييى والبجا والأنقسنا وكاجبار ومروى ومشاكلها الخارجية مع أمريكا ومجلس الأمن ومحكمته الدولية ومدعيها العام أوكامبو ، فخصصت الدولة كل برامجها التلفزيونية لدارفور كما خصصت جل موارد الدولة للأقاليم المشاكسة وأمنها متجاهلة تماما منطقتنا . هل شاهد أحدكم فى يوم من الأيام برنامج تلفزيونى أو إذاعى يحكى عن معاناة أهلنا بالرباطاب ؟ هل سمع أحدكم بالكرمبساوية والأقروساب والشريشاب وهندية والغولة والعباسى وأمكى الطريف وجزيرة قوي أو مرمية ؟ .
الدولة للأسف الشديد لاتهتم إلا بمفتعلى المشاكل والقتلة والخارجين على القانون ، ولكن الشعب الطيب المسالم الأمن كأنسان الرباطاب لايهمش بل ينسى ، لأنه لايثير مشاكل ولايحمل السلاح ولايقاتل الدولة إيمانا بقوله ( وأطيعوا أولى الأمر منكم ) . لن نخرج على القانون كما خرج دكتور خليل إبراهيم الذى كان يجاهد مع المجاهدين فى جنوب السودان وعبد الواحد نور ومني أركو مناوي وجماعة الشرق ومن قبلهم كبيرهم الذى علمهم التمرد الحركة الشعبية بقيادة المتمرد قرنق ، ولكن أبناء الرباطاب سيضربون المثل الحي فى الوطنية ويسنون السنن الحسنة بدخولهم فى السلم كافة وليس الخروج علي القانون . سنتكاتف ونجمع المال ليس لشراء السلاح والخروج على الدولة ومحاربتها ولكن لمحاربة الجهل والمرض بمنطقتنا لأن إمكانياتنا المحدودة لن تتجاوزها ، فالسلاح الذى غزا به دكتور خليل أمدرمان كان دون شك يكفى جزء مقدر من مشلكة دارفور .
نحن أبناء رابطة رباطاب وسط نود أن نتداعى لجمع المال لا لتسليح قومنا لقتال الدولة ، ولكن نود جمع المال لقتال الجهل بإنشاء المدارس وتأمين الكتاب والمعلم ووجبة الطالب بعودة الداخليات لأن العقل السليم فى الجسم السليم ، نود جمع المال لقتل البعوض مسبب الملاريا ولمحاربة السل ( الدرن ) وأمراض العمى التى إنتشرت فى منطقتنا وسوف لن ننتظر أى شىء لا من الدامر أو الخرطوم وشعارنا الصحة والغذاء لإنسان منطقتنا قبل التعليم ، فكيف لطفل مريض جائع أن يستوعب الدرس ، ونأمل من اخوتنا أبناء منطقتى رباطاب شمال وجنوب عمل مدونة على الإنترنيت يلتقون فيها تجمع رؤاهم وافكارهم لوضع الحلول السليمة لمشاكل مناطقهم حتى تنهض منطقتنا بكاملها من شمال فتوار الى شمال جزيرة كجنقيلى وأب طين .
لماذا رباطاب وسط ؟ أنا والعياذة بالله من أنا وكمهندس مساحة وبمعاينة سريعة لخارطة منطقة الرباطاب على القوقل إيرث وجدت أن هنالك فواصل مكانية وديمغرافية تقسم الرباطاب الى ثلاثة أقسام شمال ووسط وجنوب وأن منطقة الرباطاب تمتد على طول ضفتى مجرى النيل شرقا وغربا من جنوب منطقة الشامخية شمال ابوحمد الى شمال مناطق الإنقرياب والميرفاب شمال فتوار ، وأن تجمع رابطة ابناء الرباطاب القديم لم يحقق اى نجاح لأنه كان يجمع كل المنطقة فى لجنة واحدة وهى شريحة طويلة وضيقة ويصعب الربط بينها ولدينا تجارب مريرة سابقة عن عدم قبول الاخر بين أبناء المناطق الثلاثة ( شمال ووسط وجنوب ) فرأينا فى الفصل خير لينهض كل قسم وحتى نحدث نوع من الغيرة والمنافسة فى الخير وليس الحسد بالطبع فى ظل إدارى أقصر يجعل حركة النهوض سهلة مرنة .
الأسماء المقترحة أدناه وإختصاصاتها قابلة للتعديل بعد أول إجتماع للجمعية العمومية للرابطة والذى نأمل أن يعقد خلال عام واحد من تاريخ إكتمال إجراءات تسجيل الرابطة حيث سيعاد إنتخاب كل لجان تسييرالأعمال التمهيدية للرابطة الخيرية لأبناء رباطاب وسط بالإنتخاب الحر المباشر وسوف نستخدم أحدث التقنيات التى تتيحها لنا الشبكة الدولية للإنترنيت فى الإنتخاب فى الوطن الصغير ( رباطاب وسط ) ، الداخل ( العاصمة المثلثة وكل بقية مدن وقرى السودان ) ودول المهجر ، بربط المواقع المحتلفة باللجنة التمهيدية التى ستتولى عملية الترشيح والإنتخاب :
لجنة التسيير بدول المهجر :
( كل عضو مكلف بالإتصال بابناء القرية التى يمثلها فى دول الخليج وبقية دول العالم وحصر أسمائهم بالكامل مع أسماء عوائلهم وأعمارهم وعنوان بريدهم الإلكترونى إن وجد أو الهاتف وتنفيذ مايرد إليه من توجيهات تصدرها اللجنة التمهيدية للتسيير تحدد فيها رسوم الإشتراك السنوى والمساهمات المالية والعينية الأخرى وأفضل السبل التى تراها اللجنة للتحصيل والتوريد فى حساب الرابطة التى ستقوم بفتحه فى إحدى البنوك السودانية فور تسجيلها ) وكل شىء يتم عبر الموقع :
أبناء قرية كرقس ويمثلهم فى لجنة تسيير الأعمال التمهيدية الأستاذ / محمد الشيخ الملاوى والأستاذ /مبارك العبيد
أبناء قرية العبيداب ويمثلهم فى لجنة تسيير الأعمال التمهيدية الأستاذ / جاد السيد سيد أحمد جاد السيد والأستاذ / مهدى حسن باجورى
أبناء قرية عتمور ويمثلهم فى لجنة تسيير الأعمال التمهيدية الدكتور / عثمان محمد صالح عبدالله والأستاذ / محمد مصطفى التوم
أبناء قرية أمكى ويمثلهم فى لجنة تسيير الأعمال التمهيدية المهندس / جلال فتح الرحمن محجوب والأستاذ / محمد حسين صديق
لجنة التسيير بالعاصمة المثلثة ومدن السودان الأخرى :
( كل عضو مكلف بالإتصال بابناء القرية التى يمثلها بالعاصمة المثلثة ومدن وقرى السودان الأخرى عدا قرى منطقة رباطاب وسط ( الرباعى كرقس العبيداب عتمور أمكى ) وتنفيذ مايرد إليه من توجيهات عبر الموقع تصدرها اللجنة التمهيدية للتسيير تحدد فيها رسوم الإشتراك السنوى والمساهمات المالية والعينية الأخرى وأفضل السبل التى تراها اللجنة للتحصيل والتوريد فى حساب الرابطة التى ستقوم اللجنة التمهيدية بفتحه فى إحدى البنوك السودانية فور تسجيلها ) :
الأستاذ / عبد الله جمال الدين تكرون والأستاذ / الصادق المجمر محمد صالح عن قرية كرقس
المهندس /الشيخ أحمد سمساعة ، الأستاذ / أسامة أحمد رضوان والأستاذ / محمد الرباني محمد بخيت عن قرية العبيداب
الدكتور / عثمان على حاج الأمين والأستاذ / أحمد حمد مصطفى الأستاذ / فيصل على حاج الأمين عن قرية عتمور
المهندس/ حاج على أبولكيلك والأستاذ / حسين محمد يس عن قرية أمكى
لجان حصر المشاكل التعليمية والصحية والأجتماعية التى تواجه إنسان منطقة رباطاب وسط ووضع الحلول اللازمة لها :
لجنة التعليم ( اللجنة من يحدد نوع وحجم المشاكل وتقدم مقترح الحلول لها ) :
الأستاذ / سيد أحمد محجوب مكى - عتمور
الأستاذ / محمد الحاج عيسى - كرقس
الأستاذ / عثمان سيد احمد جاد السيد - العبيداب
الأستاذ / إبراهيم بشير محمد الفسيلى - أمكى
ومستشارها لشئون التعليم الدكتور / المعتصم عبد الرحيم الحسن
لجنة الصحة ( اللجنة هى من يحدد نوع وحجم المشاكل وتقدم مقترح الحلول لها ) :
الأستاذ / هاشم محمد محمود المك - العبيداب
الأستاذ / يوسف حاج أحمد العوض - كرقس
الأستاذ / - أحمد عباس على مصطفى - عتمور
الأستاذ / - دياب بكرى السمانى - أمكى
ومستشارها للشئون الصحية الدكتور / تاج الدين حاج عثمان محمد عبد الله
لجنة الخدمات الإجتماعية
( وتشمل الخدمات مشاكل الأرامل واليتامى والمعسرين وأصحاب الإحتياجات الخاصة أو أى مشكلة أخرى ترى اللجنة أنها يمكن أن تدرج تحت باب الخدمات الإجتماعية ) :
الأستاذ / حافظ عباس على مصطفى - رئيسا
الأستاذ / محجوب باباكر الدابى
الأستاذ / سر الختم عبد الخالق عباس
الأستاذ / العطا فرح الملاوى
مستشارها للشئون القانونية الأستاذ / خليفة على حاج الأمين
منسقية الإتصال والربط بين لجان حصر المشاكل التعليمية والصحية والإجتماعية بمنطقة الرباطاب وسط واللجنة التمهيدية بالخرطوم :
المنسق الأستاذ / سليمان عباس على مصطفى
نائب المنسق الأستاذ / حسين محمد يس
الأستاذ / ايمن عمر بشير
المقرر الأستاذ / الطيب خضر على مصطفى
مستشار الشئون القانونية / مولانا رباب مصطفى ابوقصيصة
منسقية الإتصال والربط بين لجنة التسيير بدول المهجر واللجنة التمهيدية بالخرطوم :
المنسق البروفسير / إبراهيم عبد الرزاق
نائب المنسق الأستاذ / الخواض إسماعيل بخيت
المقرر الدكتور / على عثمان إسماعيل
اللجنة التمهيدية لرابط أبناء الرباطاب وسط الخيرية :
( تختص اللجنة التمهيدية بجميع إجراءات تسجيل رابطة أبناء الرباطاب وسط الخيرية حسب القوانين واللوائح المنظمة لذلك وتتولى مخاطبة لجان التسيير بالداخل والخارج المذكورة أعلاه ووضع القوانين واللوائح المنظمة لإستلام التبرعات النقدية والعينية من ابناء المنطقة والمحسنين وكيفية إيداعها فى حساب الرابطة ، كما تختص بدراسة نوع وحجم المشاكل التى سترفعها لجان المنطقة من مشاكل تعليمية وصحية وإجتماعية وتحديد الأوليات وكيفية الصرف عليها من الإيرادات النقدية والعينية والسحب من حساب الرابطة بتوقيع إثنين من أعضائها وهى من يحدد قيمة رسوم التبرع الشهرى على كل فرد بالداخل والخارج من أبناء المنطقة حسب وظيفته :
فريق شرطة (م) جمارك صلاح الدين أحمد الشيخ الطيب - رئيسآ
الدكتور / بدر الدين أحمد إبراهيم - عضوآ
دكتور صيدلى / إبراهيم أبولكيلك - عضوآ
الأستاذ / محمد عبد القادر عثمان - مقررآ
الأستاذ / أحمد محمد أيوب - مستشار قانونى للجنة التمهيدية
بعد الإنتهاء من إجراءات التسجيل وطبع المستندات الرسمية والختم ، تعقد اللجنة التمهيدية إجتماعها الأول لإختيار مسئولي جمع التبرعات النقدية والعينية للمنطقة من الخيرين بدول الخليج ، على أن يكون التوجيه محتويآ على دراسة علمية لحجم المشاكل الصحية والإجتماعية والتعليمية بالمنطقة من مرض وفقر وجهل وتحديد مبلغ تقديرى بالدولار لمعالجة كل مشاكل منطقة رباطاب وسط بما فى ذلك الماء النقى وهى اقل خدمة يجب أن تقدم للحيوان قبل الإنسان ، بالإضافة للكهرباء ومشاكل الإمومة والطفولة وهل يوجد بمنطقتنا أخصائى امراض نساء وولادة مؤهل علميآ ومجهز بالمختبرات والمعدات الطبية ؟ أخصائى أطفال لديه كامل جرعات التطعيم وأماكن حفظها ؟ أخصائى عيون بكامل تجهيزاته ومعيناته التى تمكنه من إجراء العمليات ؟ هل يوجد تقنى بصريات ؟ أم أن كل من يحتاج نظارة بعد عملية الموية البيضاء يهاجر للخرطوم وعطبرة ؟ كم عدد المصابين بعمى الأنهار فى المنطقة ؟ كم عدد المصابين بالسل ؟ هل تم حصر للمصابين بإرتفاع ضغط الدم والسكرى وأمراض القلب والفشل الكلوى بالمنطقة ؟ وهل يتعاطون الجرعات اليومية ؟
هل نحن فعلآ فى حاجة ماسة الى كل ذلك ؟ لآ ، بل نحن فى حاجة لأزيد من ذلك .
صديق لى قادم من أمريكا ن قال لى والله ياسلمان لو أن أمريكا وقفت فى محلها دا ونحن سرنا صاح بخطط ومنهجية سليمة ، نحتاج لأكثر من ألف سنة عشان نصل الى ماوصلوا إليه الأن ، ولكنها لن تقف مكانها وستسير للأمام وسنسير نحن للخلف . أتدرون لماذا أحبائى أبناء رباطاب وسط ؟ لو تطورت شعوب العالم الثالث جميعها ووصلنا الى مستوى الحياة والرفاهية التى يعيشها الإنسان الأمريكى اليوم ، فإن البشرية ( الستة مليار نسمه وزياده دى ) ستكون فى حاجة الى ثلاثة كواكب بحجم كوكب أرضنا هذه وثرواتها من بترول ومياه ومعادن ، وحيث تأمين ثلاثة كواكب مطابقة لكوكب الأرض من المستحيلات فإن أمريكا لن تسمح لنا بالتقدم ، يريدونا أن نكون حديقتهم الخلفية ، متى ما إحتاجوا للموارد أخذوها ، يأخذوا من مواردنا برميل نفط بمائة دولار أو أقل ويرسلوا لنا بثمنة 8 أو 10 حبات فياغرا ، مواردنا للنفط ستنضب ، ومواردهم لصناعة الفياغرا متجددة . فهل سياتى اليوم الذى نستغنى عنهم ؟
عدد كبير من شباب البلد عاطل عن العمل وإذا هاجروا للعاصمة أو دول الخليج يبقوا عاطلين لأنهم لايحملون مؤهل تعليمى عالى ولاصنعة فى اليد ، فهل فى الإمكان فتح مراكز تدريب بالبلد تعطى أبناء المنطقة جرعات تدريبية تؤهله للعيش فى بلده بكرامة أو تعطيه السلاح الذى يغترب به فى الداخل أو الخارج .
قبل أن نفكر فى وضع الحلول علينا حصر حجم المشكلة والتى تبدأ بمشروع إحصاء سكانى خاص بمنطقتنا نصمم له قاعة بيانات RUBATTAB CENSUS DATABASE وإذا طلب منى فإنى على إستعداد لتنفيذه على قاعدة بيانات على نظم المعلومات الجغرافية GIS، نحصر فيه كل السكان ، كل حسب موقعه الجغرافى وسوف أزود الرابطة بجهاز جى بى اس لورغبت ، نذكر إحداثيات المسكن وحالته ، رب الأسرة ، الأم ، الأبناء ، السن العمرية والوضع التعليمى والصحى والإجتماعى ، وأن تسبق عملية الإحصاء وبناء قاعدة البيانات كل شىء ولانريد أن نفكر كما تفكر الدولة ، تبدأ فى معالجة مشكلة لتكتشف أن حجم المشكلة أكبر بكثير مما خطط له ، وأهلنا الأمركان سادوا العالم بالتخطيط والإحصاء الدقيق ، فاليوم بوش واى حاكم ولاية أمريكية لديه فى حاسوبه الخاص قاعدة بيانات على نظم المعلومات الجغرافية توضح عدد سكان الولاية ، عدد البيض ، عدد السود ، عدد الملونين ، عدد أصحاب الأصول الصينية ، عدد الأرامل ، عدد المطلقات ، الراجل الأمريكى يرمى الطلاق من هنا والجهة التى تعتمد الطلاق كنيسه او محكمة تضمن هذه البيانات فورآ بقاعدة البيانات فيزداد عدد المطلقات وينقص عدد المتزوجات ، يولد طفل ماتكتب شهادة ميلاد وبس بل تضمن بقاعدة البيانات ودى مرفوعه على سيرفر الولاية المربوط مع السيرفر المركزى ، كل شىء معلوم للدولة ومؤسساتها ، طبيب كشف عليك فى مستشفى كرقس لقى عندك سكرى يرسل بياناته يوميا عبر النت لإدارة الإحصاء بقطاع الصحة ينزل المعلومة على النت ، الأمركان عارفين كم أمريكى تحت سن 5 سنة ، وكم امريكى فوق 5 وتحت 10 وفوق 10 وتحت 18 وهكذا حتى سن التقاعد فوق 65 سنة ، يعنى عارفين كم طفل محتاجين تطعيم ، كم طفل محتاجين تجليس بالصف الأول وهكذا أمريكا التى نتغنى بأنها هى وشقيقتها روسيا قد دنا عذابهما يسيران حسب منهجية علمية ونحن نغنى ونهتف بأننا سندمرهما بسيرنا العشوائى - كفاية نضحك على نفسنا - وبما أننا لن نستطيع تبديل أى شىء فى السودان لأننا خارج منظومة الحكم تعالوا لنفعل مافعله الأمركان فى بلدهم الكبير أمريكا أن نبدأ فعله فى بلدنا الصغير ( رباطاب وسط ) تعالوا نخطط بعقل ونحب بعقل ونكره بعقل ولتكن البداية بناء قاعدة بيانات منطقة رباطاب وسط على نظم المعلومات الجغرافية GIS سأتولى نيابة عنكم تصميمها دون متى ملكت البيانات المكانية SPACIAL DATA والبيانات الخاصية ATTRIBUTE DATA . فقبل مايزيد عن 17 سنة ، قال شاعر الإنقاذ ( فلنأكل ممنا نزرع ولنلبس مما نصنع ) وأظنكم تشاهدون يوميا شاحنات سيقا وويتا تنقل القمح الأسترالى والكندى والأمريكى من ميناء بورتسودان ، فقد شطح شاعرهم حين قال ( بكره أمريكا بتجينا ) وأريتا ماجاتنا ، فقد جاتنا شايله العصاة والجزرة ترغب تارة وترهب تارة- اللهم أحفظ السودان وتراب السودان ورجال السودان ونساء السودان وأطفال السودان وزرع السودان وحيوان السودان وطير السودان من شرور أمريكا وأقرانها وولى علينا خيارنا ولاتولى علينا شرارنا .
فيما يتعلق بالإتصالات بين لجان الداخل والخارج وربطها باللجنة التمهيدية فلن تواجههكم أى مشكلة حيث أن هذا الموقع سيقوم بربط مندوب قرية كرقس بلجنة التسيير فى منطقة رباطاب وسط بممثليهم بدول المهجر / محمد الشيخ الملاوى فى الرياض ومحمد العبيد بالمنطقة الشرقية بالسعودية يوميا ونربط الملاوى والعبيد بأبناء كرقس فى كندا وفانكوفر وسدنى إن وجدوا ونربط الملاوى والعبيد باللجنة التمهيدية بالخرطوم لتلقى التعليمات وتنفيذها
الموقع سيفتح نافذة لكل ابناء المنطقة لتسجيل اسمائهم وارقام هواتفهم وبريدهم الإلكترونى إن وجد
الموقع سيعلن عن أفراح وأتراح أبناء المنطقة
وكل شاب يتزوج من بنات المنطقة نقترح أن يدعم بمبلغ مقدر
حصر العوانس من بنات المنطقة ومساعدة كل من يرغب الزواج من إحداهن
بدخول ابناء منطقة رباطاب وسط للموقع يتعرف على آخر أخبار المواليد والوفيات
إختيار الأعضاء بلجان التسيير واللجنة التمهيدية جاء كتكليف لأداء واجب تجاه وطنك الصغير (رباطاب وسط) وليس لديك خيار الإعتذار عن المشاركة ولكن سيتم إثناء أثناء إنعقاد المؤتمر العام الأول لأبناء منطقة رباطاب وسط والذى ستقرر مكانه وموعده اللجنة التمهيدية الحالية ونأمل أن يكون خلال عام واحد من تاريخه ، ونحن فى إنتظار مقترح بأسماء أشخاص مغتربين بدول الخليج من أبناء المنطقة ليتولوا الإتصال بالمحسنين من رجال المال الخليجين بغرض جمع التبرعات النقدية والعينية ونأمل أن نحصل على من يتولى بناء مدارس ومستشفيات ومساجد بمنطقتنا ومثل هذه الشخصيات يجب أن تكون شخصية إجتماعية ولها الجرأة والشجاعة التى تؤهلها للوصول لمثل هذه الشخصيات ، ولكن قبل ذلك أخى الفريق صلاح لازم تصدروا بروشير بالمنطقة يحدد موقعها الجغرافى ، عدد سكانها ، نسبة الأمية فيها ، عدد المرضى بالسكرى ، إرتفاع ضغط الدم ، السل عدد حالات الوفاة عند النساء أثناء الحمل والوضع ن نسبة الوفيات بين الأطفال المواليد ، البعد بين المدرسة والمنزل لأطفال فى السادسة أو السابعة وعدم وجود سكن داخلى او مواصلات ، تحليل كيميائى فيزيائى بايولوجى لعينة من مياه الشرب التى يتناولها أهلنا من الترع والجداول ، عدم وجود مساجد كافية لأداء الصلوات الخمس فى المساجد ، عدم توفر مسجد جامع لأداء صلاة الجمعة ، إفتقار المنطقة للدعاة ، هذا البروشور يرسل كملف إلكترونى على النت نحن ننسخه بالألوان ولابد ان يدعم بالصور والمستندات الرسمية من الدولة ، نحن هنا فى دول الخليج ( مثلآ أنا فى السعودية ) على إستعداد لوضعه أمام كل أهل الخير هنا وهم كثر نسأل الله أن يجعل هذا العمل فى ميزان حسناتكم ، مع تحيات مدير الموقع ومنسق الإتصال بين جميع الأطراف المهندس سلمان إسماعيل بخيت على
الإتصال بالموقع على البريد الإلكترونى
salman_bakhiet@yahoo.com
نحن فى إنتظار مشاركتكم بالرأى والمال من أجل إنسان منطقة رباطاب وسط تجمع قرى أمكى عتمور العبيداب كرقس

14‏/09‏/2008

الباب الثانى : مشكلات وحلول لقضايا سودانية سياسية ، إقتصادية وإجتماعية

مقال رقم ( 1 )
الجباية ورسوم النفايات الى متى ؟
جاء فى مسرحية الفنان الكوميدى المصرى الساخر عادل إمام ( شاهد ماشافش حاجة ) أنه ذهب لتسديد فاتورة التليفون مع أنه ياحسره ماعندوش تليفون ( بس خايف يشيلوا العدة ) وكل بيت سودانى يدفع لحكومة المتعافى رسوم نفايات مع أنه ياحسره ماعندوش نفايات ومن فين تأتى النفايات ( هو ملأ بطنه عشان يفضل حاجه ) فكل ما يقع بين يديه يأكله حتى عروق الملوخية وقشرالبطيخ يقدمها لغنمه لكنه بيدفع رسوم نفايات ( لأنه خايف من السجن ) فالأمر المحلى واضح ( ياتدفع ياتدخل السجن ) حتى جارتنا ثريا الأرملة الفقيرة أم البنات الثلاثة هددت بالسجن إن لم تدفع رسوم النفايات فدفعت خصمآ على حلة الملاح وقد تكون باتت القوي هى وبناتها ، فكل شىء فى السودان ( قلع من الضعيف لكى يزداد ضعفآ وخوفآ لصالح السمين المتمكن لكى يزداد سمنةً وتمكينآ فى هذه الدنيا الفانية ) وعندما تحل بالبلاد المصائب والنكبات ، يرفعون أيديهم لله تضرعآ كى يزيل عنهم البلاء والمحن فأين لدعائكم وتضرعكم وختمكم للقرأن أن يستجاب له أمام دعوة الأرملة المظلومة ثريا ، بل آرامل كثر أعرفهن وقد لا أعرفهن ولكن الله يعرفهن وليس بينهن وبين الله حجاب . ألتمس من مولانا مارن المراجع العام أن يقدم لنا وعلى صفحات الجرائد اليومية تقرير مراجعة وافى عن أوجه صرف الأموال التى تجمعها ولاية الخرطوم تحت إسم (رسوم نفايات) بالإضافة الى الجبايات التى تجمعها جهات أمنية وعسكرية وشرطية ومحليات الى آخر القائمة ، لأن الشعب مازال فى نفسه شىء من حتى ، وعليكم قبل أن تنادوا أهل السودان لمناصرتكم ضد الغرب ولمناصرتكم فى حل مشكلة دارفور ولمناصرتكم فى الإنتخابات القادمة ، عليكم أن تبرؤا ذمتكم وأقول لكم وبصريح العبارة أن الشعب يتحدث فى سره بأن المليارات من الجنيهات المجنبة ذهبت لإمور أخرى . فإن كانت القوانين سيد مارن تسمح لك بالمراجعة ، نأمل أن توضح لنا أنها صرفت فعلآ فيما أقره مجلس الولاية التشريعى ، فخبثاء المدينة يتحدثون عن عشرات المليارات التى تصرف سنويآ فى أوجه أخرى دون شفافية ودون علم وزارة المالية ، كغيرها من أموال الجبايات الكثيرة و(المجنبة) التى تفننت وزارات عديدة فى إبتداعها من رسوم ودمغات محرم الحديث عنها لإرتباطها بمؤسسات أمنية وعسكرية أحيطت بخط أحمر وكل من يشير إليها يعتبر خائن لوطنه لذا لن أتحدث حتى لا أصنف كخائن للوطن ، حتى وزير المالية الدكتور عوض الجاز تحدث أخيرآ وبعد 20 سنة عن رسوم العبور بالطرق الرئيسية ولم يتطرق لأموال النفايات ودمغات الشهيد والجريح علمآ أن رسول الله ص نهى عن ذكر كلمة أن فلان شهيد ، وكل من توفاه الله من أهل الإنقاذ شهيدآ .
فرسوم النفايات ودمغات الجريح والشهيد والمائة ريال رسوم السلام التى يدفعها المغترب كل عامين والتى كانت من قبل رسوم حرب ، كلها خطوط حمراء لايحق حتى لعوض الجاز التحدث عنها ، فالمواطن السودانى المغلوب على أمره يدفع ولايسأل أين يذهب كل مايدفعه ، حتى تعدى الأمر الحدود ووصل رأس السوط للمغتربين الذين لاتقدم لهم الدولة أى خدمة لأنها معفاة تمامآ من نفقات أمنهم وغذائهم وتعليم أبنائهم وعلاجهم حتى فضلاتهم ونفاياتهم وغازاتهم يقذفون بها خارج حدود الوطن إضافة الى إسهاماتهم المقدرة فى حل مشاكل أهلهم بالداخل ، ولهذا لم يدرجوا بقوائم التعداد السكانى الأخير ، فمن لاتنفق عليه لاتدرجه ضمن حساباتك ، لكن الدولة لم تنسى أن تدرجهم فى قوائم الجباية القسرية التى تفوقت فيها على حكومة التركية السابقة للسودان للسودان التى سمعنا بها والتى خصصت ضريبة حتى لمن يرغب فى عمل لحية وسمتها بالدقنية وأخشى أن يتطور الأمر لدى الجماعة ويخصصوا ضريبة لمن ليس لديه لحية وأهو زيادة الخير خيرين . فحين يذهب المغترب لتجديد جواز سفره ( كل عامين بينما بعض الدول تمنحه لمدة قد تصل الى خمسة أو عشرة سنوات ) يطالبك موظف السفارة أينما كنت على ظهر المعمورة بمايعادل مائة ريال رسوم حرب إضافة الى رسوم تجديد الجواز وعشرة ريال أخرى لم أفهم ماخصصت له فقرأتها ( فر ) ففهمت منها أن أواصل فى الفرار من وطنى وأواصل فى الإغتراب . كانت تكتب فى الإيصال المالى حرب وبعد إتفاقية نيفاشا تحولت لمائة ريال سلام ، فقلت لموظف السفارة : لماذا لاتجعلها مائتين ريال , مائة لسلام الجنوب والشرق ومائة لحرب دارفور لأن قلبى مش على وطنى أنا قلبى على حكومتى ، فرفع رأسه ونظر لى ثم خفضه ليكتب الإيصال وقمت أنا المغلوب على أمرى بسداد ماطلبه ( لأنى خايف يشيلو العده ) علمآ أن لا مصلحة لى لا فى الحرب ولا فى السلام ، بينما هم من أثرى فى زمن الحرب وهم من أثرى فى زمن السلام ، فكفوا أيديكم عن ظلم شعبكم وسيرفع الله غضبه عنكم ويكفى السودان شر من لايخافه ولايرحمنا ( بوش وساركوزى وغوردون براون ومن يسخرونه لخدمة قضاياهم وأغراضهم الدنيئة أمثال لويس مورينو أوكامبو ومجلس أمنهم الذى يكيل بمكاييل أشبه بتلك التى يتعاملون بها هم مع شعبهم - أرفعوا غضبكم عن شعبكم ليرفع يديه لله يدعوا لكم لاعليكم - وللحديث بقية ) .

مقال رقم (2)
إذا أقيمت دولة الشريعة ، فهل من ضرورة لقيام التنظيمات الحزبية والممارسة الديمقراطية ؟
وهل من ضرورة لقيام حزب المؤتمر الوطنى الحاكم ؟ الجواب قطعآ لآ
ولكن عندما عجز نظام الإنقاذ عن إقامة الشريعة الإسلامية التى بشر بها ، وحين لم يقوى على القبض على الجمرة ، فالقابض على دينه كالقابض على الجمر، وعندما لم يستطيعوا تطبيق العدل والمساواة على شعبهم ، لجأ للقوانين الوضعية وتكوين الأحزاب السياسية ، فكانت بداية النهاية للثورة الإسلامية التى بشروا بها . قلت هذا الحديث فى منتصف تسعينيات القرن الماضى أمام جمع من مؤيدى ثورة الإنقاذ ، تداعوا لإجتماع عقد بمزرعة منظمة سلسبيل الخيرية بسوبا غرب ، تداعوا لتشيكل فرع للمؤتمر الوطنى بمحلية الجريف غرب وسوبا ، فقلت مخاطبآ الحضور حينما جاء دورى للحديث ، كيف لى أن أنضم لحزب يجمع المسلم مع المسيحى واللادينى فى وقت نبشر فيه بقيام دولة الإسلام فهذا الأمر يتناقض مع رفع شعار المشروع الحضارى ، أنا أرفض هذا التوجه ولكن سأظل مؤيدآ لثورة الإنقاذ التى تدعو لإقامة شرع الله وسأكون وفيآ للبيعة التى بايعتها لقائدها فى ميدان أركويت ، فرد على المرحوم مجذوب الخليفة ( ولن أقول الشهيد ) وبلهجة لاتخلو من العنف الذى عرف به ( لو لم تكن راغبآ فى الإنضمام للمؤتمر الوطنى ، فثورة الإنقاذ ليس فى حاجة لأمثالك ) وكأن الثورة شىء خاص بهم هم جماعة التمكين - يمنحون الإنتساب لها لمايرضون عنه ويحرمون من لايسير على خطاهم - ولكنهم اليوم وصلوا لحالة ضعف جعلتهم ينادون على كل أهل السودان ولكن بعد فوات الأوان . غادرت مكان الإجتماع ولم أعد لا للإنقاذ ولا لحزبها الجديد المؤتمر الوطنى . كنت فى تلك الفترة على قناعة تامة بأن الإنقاذ جاءت لتقيم دولة الشريعة الأسلامية ، وبقيام الشريعة نحقق العدل والمساواة ، وبتحقيق العدل والمساواة فلا حاجة لنا فى ديمقراطية الغرب ولا إشتراكية الشرق ، فالديمقراطية ماهى إلا نوع مقنن من أنواع ديكتاتورية الأغلبية
DEMOCRCY IS THE DECTATORSHIP OF THE MAJORITY
فالديمقراطيات الغربية أوصلت أكثر حكام العالم ديكتاتورية للحكم ويكفى أن أذكر منهم بوش وبلاويه فى العراق وأفغانستان ومايدبر لفعله فى السودان . هذا الحديث لايعنى أنى ضد الديمقراطية ، ولكن إذا أمكن قيام دولة الشريعة فلا داعى للديمقراطية ، فالإسلام نظام دين ودولة ودنيا وآخرة ، ويتم إختيار الحاكم بالشورى ( وأمرهم شورى بينهم ) كما فى هو الحال فى الأنظمة الملكية الإسلامية ، ولكن لو خيرت بين النظام العسكرى الشمولى كنظام الإنقاذ هذا والديمقراطية ، فدون شك سيكون خيارى هو الديمقراطية . ولكن الممارسة الديمقراطية تحتاج لوعى الشعوب وتحررها من التبعية لمشايخ الطرق الصوفية الذين أساءوا إستخدام تابعيهم ومريديهم ليتقربوا بهم للحكام الذين يغدقون عليهم المال الكثير فى مقابل ضمانة التأييد ، فمشايخ الطرق الصوفية بالسودان الذين يدعون المقدرة على علاج من به مس بالماء والكسرة والضرب بالسياط ، عندما يصابون هم بالمرض ، أين كان نوعه يلجأون للطب الحديث وللدولة لترسلهم على نفقتها للعلاج بمستشفيات لندن والأردن ، فمتى ياترى سيتحرر الإنسان السودانى من العبودية والتبعية لمشايخ الطرق الصوفية ويكون حرآ حين يمارس حقه فى الديمقراطية ؟
كان كل من يبلغ من العمر سن السابعة فى زماننا من أبناء قريتى عتمور وأمكى يحضره أهله للجنة القبول بمدرسة أمكى الأولية ( الإبتدائى ) بينما أبناء العبيداب وكرقس يوجهون لمدرسة كرقس الأولية . بعد التحقق من أننا بلغنا السابعة بشهادة الشهود الذين يذكرون عام مولدنا والذى دائمآ مايربط بحدث هام كقولك ود إسماعيل دا أمه ولدته لمان الجيلانى قتل تمساح قوي وقد يقول آخر صحيح لأن فى ديك السنة بقرتى الحمراء جابت ليها عجله ، فمقتل تمساح ومولد عجله وحدوث فيضان بالنيل هى الأحداث المهمة فى تاريخنا وليس مولد ولد وإن كان ذكر ، أما الإنثى فلا تذكر ولاتذهب للمدرسة حتى بعد 1/1/1956م ( إستقلال السودان ) . كنا نحتاج لرأى من يذكر مقتل الجيلانى لتمساح قوي ومولد بقرة لعجلة فأهلنا كانوا يحبون إناث البهائم ويكرهون إناث البشر ، وتحضرنى طرفه أن عمنا ( فلان لاداعى لذكر الإسم ) جاءوا يبشرونه بمولد بنت وطلبوا منه أن يختار إسمآ لها ، فقال ( البت يسموها ليه ، خلوها بدون إسم ، أمشى يابت تعالى يابت ، لحد مايجيها عريس نقول ليهو عاوز تسمى مراتك شنو ؟ نقول للمأذون أكتب فلانه بنت فلان البكر البالغ بولاية والدها ) .
لكوننا لانحمل شهادات ميلاد كنا نحتاج لشهادة مثل هؤلاء حتى يحق لنا أن ندخل يدنا فى كيس من القماش ونتناول ورقه ( مقبول ، غير مقبول ) لأن المدارس قليلة جدآ فى تلك الفترة مقارنة بعدد الزيادة فى الأطفال الذين إستحقوا الجلوس للدراسة ، فمع فجر الإستقلال أدخلت يدى ولم يسعفنى الحظ لدخول أمكى الأولية الحكومية التى رفُعت قبل عامين فقط من صغرى ( ثلاثة فصول ) الى أولية ( أربعة فصول ) . أرسلتنى والدتى التى تناصر تعليم الأبناء الذكور لمدرسة الباقير الصغرى ، ولم ترسل شقيقتى فاطمة التى تكبرنى بعامين ، لأدرس بها حتى لا أفقد عام دراسى ولآعيش فى ضيافة الملك سلمان عثمان أبوحجل ملك عموم الرباطاب ولا أسميه ناظر العمد ، وليرعانى فى المدرسة أستاذى الأول عطا الفضيل دقرشاوى وقبل أن أنهى عامى الأول أنتقلت مع والدتى وشقيقتى فاطمة لنلتحق بأشقائنا عثمان وعلى يرحمه الله وبخيت الذين كانوا يعملون فى مدينة أمدرمان لتتاح لى فرصة الجلوس بمقعد الدراسة بالصف الأول بعد رفع العلم وبداية فجرالحرية بأشهر قليلة بمدرسة الهدايا الأولية بأمدرمان ( مدرسة شيخ الطاهر ) فى العام 1956م وأمدرمان تغلى بالسياسة والسياسيين وأهازيج أزهرى أبو الوطنية ورافع العلم وحررت الناس ياسماعيل الكانوا عبيد ياسماعيل . لم يكن لى أى خيار سوى أن أكون إتحادى يحب الأزهرى والهندى وزروق وأشجع الهلال وأحب أغانى عثمان حسين والربوع ، علمآ أن مبنى مدرستى كان يجاور منزل عبد الله بك خليل رئيس الوزراء الأسبق عن حزب الأمة خلال فترة الديمقراطية الأولى التى أغتيلت وهى فى عمر الطفولة على يد الجنرال عبود فى 17 نوفمبر 1958م والذى أسقطه الشعب فى ثورة 21 إكتوبر 1964م ، لتبدأ الديمقراطية الثانية فى العام 1965م ولتغتال هى الأخرى طفلة لم تكمل عامها الرابع على يد جنرال آخر إسمه نميرى فى 25مايو 1969م ليسقطه الشعب فى ثورة أخرى عرفت بثورة رجب ابريل 1985م لتبدأ مرحلة الديمقراطية الثالثة التى لم تكن أفضل حالآ من شقيقتيها إكتوبر ورجب ، فأغتيلت هى الأخرى على يد إنقلاب عسكرى نظمته الحركة الإسلامية السودانية الحديثة بتخطيط من عرابها دكتور حسن عبد الله الترابى وقيادة العميد حسن أحمد البشير فى 30 يونيو 1989م والديمقراطية الثالثة مازالت طفلة بالروضة ، فمن 53 عام عاشها السودان بعد نيله الإستقلال ، حكم الشعب نفسه 10 سنوات فقط ، بينما حكمه العسكر 43 سنة ومازال السودان فى كثير من الإمور بالعسكرية ( مكانك سر ) ، فلماذا يحدث ذلك فى بلد كالسودان عرف أهله بأنهم شعب يقرأ جيدآ ولديه وعى سياسى يندر أن يوجد فى بلد عربى ( فمقولة القاهرة تكتب وبيروت تطبع والخرطوم تقرأ تضحدها ثلاثة إنقلابات عسكرية حدثت خلال ثلاثة عقود فقط ) فماذا أصاب أهل القراءة ؟ ولماذا كل تجربة ديمقراطية سودانية تغتال طفلة على يد مجموعة من العسكريين ؟
قلت كانت مدرستى ملاصقة لبيت الزعيم عبد الله بك خليل ومع ذلك كنت وأنا طفل معجب بالأزهرى والإتحاديين أمثال زروق والهندى وحسن عوض الله ومحمد جباره العوض ونصر الدين السيد ، ولا نميل لحزب الأمة الذى كانت لدينا قناعة بأنه حزب أهل النيل الأبيض وغرب السودان وطائفة الأنصار ، كما لم تكن لدينا ميول نحو حزب الشعب الديمقراطى وطائفة الختمية ، فالرباطاب والمناصير والميرفاب والجعليين بإستثناء قلة هنا وهناك ينتمون للوطنى الإتحادى وهو حزب وطنى ليس له طائفة دينية وإن كان غالبية مؤيدوه من الطائفة القادرية . الحزب الوطنى الإتحادى وحزب الشعب الديمقراطى يلتقيان فى فكرهما الداعى للوحدة بين مصر والسودان بينما حزب الأمة حزب يدعو للإستقلال بعيدآ عن الوحدة ، ومن هنا نشأت الكراهية بين حزب الأمة ومصر والتى مازالت الى يومنا هذا ، علمآ أن من أعلن الإستقلال التام من داخل البرلمان ليس من حزب الأمة ولكنه الزعيم إسماعيل الأزهرى بدعم من عبد العناصر ، لذا نجد أن شعب مصر يحمل عبد الناصرمسئولية فصل السودان عن مصر وأن المصريين الذى ماتوا بالألوف وهم يشيدون القنوات والترع بمشروعي الجزيرة والمناقل ماكانوا يتوقعون أن حديقتهم الخلفية ( السودان ) ستنفصل عنهم ويحرمون من إستثمار ملايين الأفدنة الخصبة ومليارات الأمتار المكعبة من مياه النيل والأمطار الموسمية ، لذا تدخلت الإستخبارات المصرية فى الإنقلاب على حكومة عبد الله بك خليل ( أمة ) وجاءت بمجموعة عساكر حققوا لها حلمها فى غرق حلفا التاريخ وقيام السد العالى ، وتدخلت إستخبارات مصر مرة ثانية وأطاحت بحكومة السيد الصادق الأولى ( أمة ) ثم تدخلت مرة ثالثة على حكومة السيد الصادق الثانية ( أمة ) ولكن جماعة الحركة الإسلامية ( الجبهة الإسلامية الوطنية ) بزعامة الترابى والتى كانت تخطط للإطاحة بحكومة السيد الصادق الثانية كشفت الأمر لإستخبارات الأمة وأرجو أن يزيح اللسام عن هذه النقطة الأخوين عبد الرحمن فرح وإبراهيم نايل إيدام وكل من لديه علم بالحقيقة . فى آخر أيام عهد السيد الصادق ( أمة 2 ) أودع السجن جماعة إنقلاب مصر ويقال أنهم كانوا بقيادة العميد الزبيرمحمد صالح الذى لاينتمى لجماعة الأخوان المسلمين وهو صوفى محسوب على مصر ، لينفذ جماعة الأخوان المسلمين إنقلابهم فى نفس اليوم وبضمهم للواء الزبير الى قائمة مجلس قيادة الثورة مع عدد من الأسماء المحسوبة على مصر ، تسبب ذلك فى خداع الإستخبارات المصرية التى ظنت أنه إنقلابها الثالث على ( عدوها الأمة ) داعية الإنفصال بين مصر والسودان وستواصل مصر التخطيط للإنقلابات كلما وصل حزب الأمة الداعى للإنفصال عنها للحكم ، لذا نلتمس من السيد الصادق البحث عن مهنة أخرى غير السياسة وحتى نعيش فى أمن وأمان من شر الشقيق ، نأمل من غالبية أهل السودان الإنحياز للحزب الوطنى الإتحادى ( النسخة الأصلية ) بزعامة مولانا الحسيب النسيب محمد عثمان الميرغنى وليس (النسخة التقليد) . خدعت الحكومة المصرية فسارعت لتأييد إنقلاب البشير وأعترفوا بحكومته ، وزودوه بالسلاح والمعدات والسيارات فى ساعاته الاولى ، بل ذهبوا أكثر من ذلك حين طلبوا من بقية الدول العربية الإعتراف بحكومة الإنقاذ ، وعندما تكشفت لهم حقيقة الإنقلاب وأن الرجل الذى يقف خلفه هو حسن الترابى ، جن جنونهم ، كيف لا ، فوجود حكومة إسلامية فى جنوب الوادى يهدد حكومة مبارك العلمانية فى شمال الوادى ، والخطورة هذه المرة تكمن فى أن السودان سيتحول من دور المتلقى الى دور من يعطى ويبث الأفكار ، فنظام الإخوان المسلمين جاء للسودان من مصر ، والشيوعية جاءت لنا من مصر ، حتى البدع كالإحتفال بالمولد النبوى الشريف والزار واشياء أخرى عديدة جاءتنا من مصر ، فهل تسمح مصر بقيام نظام إسلامى فى السودان على نهج وفكر حسن البنا والأخوين قطب ؟ بالطبع لا . نجحت مصر فى إضعاف حكومة البشير حين ألبت كل العالم عليها وأنا لا أستبعد أن تكون مسرحية مطار أديس لإغتيال حسنى مبارك مسلسل من مسلسلات وتخطيط مخابراتها . هذه هى مصر ، نرسل لها الماء العذب وترسل لنا افكار تعكر صفو حياتنا ، وتخطط وتسقط ثلاثة أنظمة ديمقراطية وتستبدلها بثلاثة عسكرية كان أخرها إسلامى نجحت فى أن تحوله لنظام عسكرى شمولى أشبه بنظامها خلال حكم مبارك ، حتى حزبها الوطنى ، جاراها البشير وتحت ضغط الحصار ليؤسس حزبه المؤتمره الوطنى وماعاد يتحدث عن مشروعه الحضارى أو نشر الدعوة الإسلامية فى جنوب السودان ، وليتوقف مشروع الجهاد ويسلم الجنوب كله فى طبق من ذهب للمتمردين .
بدأت حياتى مع بداية إستقلال السودان ، لذا تجدنى وأبناء جيلى ندرك كل شىء ولايستطيع إعلام دولة يديره شباب صغار السن أن يشوش على أفكارنا أو أن ننسى حقائق التاريخ ، لذا تجدنى أصاب بالإحباط وتنتابنى الحسرة حينما أسمع شاب أو شابة أو وزيره سودانية تقول ( هو نحن حكم الديمقراطية دا لقينا منو شنو ؟ والحكومات الوطنية دى إنجازاها شنو ؟ الإنجازات الفى البلد دى كلها ياعبود يانميرى يا البشير ، الأزهرى والصادق المهدى ديل الوجعين لينا بيهم رأسنا ورونا إنجازاتهم شنو ؟ )
الكلام دا هام والإجابة عليه أهم منو لذا أديته لون أحمر ، ولأنى بعرف أن جيل الزمن دا جيل عصر المعلومات جيل علمى لايؤمن إلا بالعلم والرياضيات والحساب والحاسوب طبعا بعد إيمانه بالله سبحانه وتعالى ولذا عاوز أخاطب عقولكم مش قلوبكم وعواطفكم ، لأن العواطف دى دمرت السودان - تعالوا نقرأ التاريخ الحديث بتمعن ولو وجدتوا فى كلامى دا خطأ حاسبونى من خلال نافذة التعليقات أدناه :
السودان نال إستقلاله فى 1/1/1956م والإنقلاب العسكرى الأول (عبود ) فى 17/11/1958م = 2 سنه 10 شهور و 16 يوم يعنى بتساوى 1030 يوم من الحكم الديمقراطى لتغتال على يد عبود وهى طفلة لم ترسل للروضة بعد
جسم عبود على صدرونا ستة سنوات باع فيها حلفا وأغرق تراث لايقيٌم بمال الدنيا وقتل من قتل ظلمآ ، لتسقطه الثورة الشعبية فى 21/10/1964م ولتبدأ الحكومة الإنتقالية الأولى بقيادة أستاذنا سر الختم الخليفة لمدة عام واحد تجرى خلاله الإنتخابات أى لتبدأ الديمقراطية الثانية ( أزهرى لمجلس السيادة والمحجوب لمجلس الوزراء ) فى 1965م
21/10/1965م بداية الديمقراطية الثانية لتنتهى فى 25/5/1969م بحدوث الإنقلاب العسكرى الثانى (نميرى)
التشكيل الوزارى الأول برئاسة الأستاذ محمد أحمد المحجوب 21/10/1965م الى 27/7/1967م ليترك المنصب للسيد الصادق الوريث الشرعى لبيت الإمام محمد أحمد المهدى أى أن المحجوب حكم البلاد لمدة سنة واحدة و9 شهور و6 يوم - عمر طفلة فى سن الرضاعة
السيد الصادق المهدى (1) من 27/7/1967م وحتى 24/5/1969م = لمدة سنة واحدة و9 شهور و17 يوم برضو أخونا الصادق ( الجماعة بقوا يقولوا ليهو الحبيب الصادق والإمام الصادق ) أغتيلت ديمقراطيته طفله فى سن الرضاع ليجسم النميرى على صدورنا لمدة 16 عام حتى أسقطته الغضبه الشعبية فى رجب/ابريل 1985م وهو فى أمريكا والعارفين بالإمور يقولوا أن الأمريكان فكرهم السياسى والإقتصادى صهيونى والصهاينة عندهم فكر بيقول ( لو صديقك أعطاك كل ماتريده منه أقتله ) لأن من يعطى يطلب أن يأخذ المقابل والصهيونى بيأخذ مابيديش لذا قتلوا السادات برفع الغطاء عنه وكشف ظهره للمتطرفيين الإسلاميين لقتله لمان أداهم كامب ديفيد وزار إسرائيل وأسقطوا نظام نميرى لمان نفذ طلباتهم ورحل الفلاشا وعمل أعمال كثيرة لصالحهم ، فاصبحت مهمة مصر فى المنطقة مساعدة العسكر للوصول للحكم ومهمة أمريكا إزالتهم بعد نفاذ الصلاحية ، وأرجو ألا تكون صلاحية الجماعة دول قد إنتهت بتسليمهم لقوائم الإسلاميين المطلوبين لأمريكا ومسلسل الإنبطاح الذى بدأ بنيفاشا ، فأمريكا لادين لها ولاطعم ولالون ولاعدا دائم أو صداقة دائمة ، أمريكا دولة مصالح ، أينما وجدت مصالحها وجدت ، وهذا مالم يفهمه جماعتنا .
بعد إنتفاضة رجب/أبريل 1985م عاش السودان لمدة عام بمجلس إنتقالى لتبدأ الديمقراطية الثالثة فى العام 1986م وتغتال هى الأخرى كسابقتيها وهى طفلة فى الروضة على يد الحركة الإسلامية السودانية الحديثة مدعومة بالحركة الإسلامية العالمية .
فلماذا تغتال الديمقراطيات السودانية وهى طفلة ؟ وهل هنالك أخطاء فى الممارسة الديمقراطية السودانية أدت لحدوث هذه الإنقلابات المشئومة ؟ وهل أخطاء الديمقراطيات تعالج بخطأ افدح كالإنقلابات العسكرية ؟
فى تقديرى أن المسئول الأول عن الأخطاء التى أدت الى سقوط الديمطقراتيات الثلاثة هو الناخب السودانى الذى يوزع أصواته بين كل الأحزاب مكونةً برلمانآ غير متجانس لايملك فيه حزب بعينه الأغلبية الميكانيكية التى تمكنه من تكوين حكومة بمفرده وتطبيق برنامجه الإنتخابى ، ليضطر للإئتلاف مع حزب آخر يختلف معه فى البرامج والخطط ، ليحدث التجازب والتنافر داخل الحكومة ولتتعاظم المشاكل وتتوقف عجلة التنمية والبناء ، معطية الزريعة لجماعة أخرى خارج كتلة الحكومة فى تحريك مؤيدها بالجيش للإطاحة بالحكومة ، ليخرج الشعب الذى تسبب فى مشكلة الحكومة الديمقراطية فى مواكب تأييد للإنقلابيين سرعان مايكتشف أنه كان مخطئآ ويبدأ فى الحنين للديمقراطية ومساحات الحرية خاصة بعد أن ينكل به العسكرى الجديد متى ما إطمئن على موقفه وأمن نفسه بترسانة من أجهزته الأمنية ، لتبدأ مرحلة النقد والتشهير وتحميل كل أخطاء السودان للحكومات الوطنية ( الديمقراطيات ) ، ويحضرنى هنا حديث لوزيرة الرعاية الإجتماعية وهى تخاطب حشد نسائى ( نحن حكم السيدين دا لقينا منو شنو ؟ ) أقول لمعالى الوزيرة : أشكرك أولآ على إعترافك بأنهما سيدين وأبناء سيدين ، السيد هذه سيدتى الوزيرة عبارة عن وسام ملكى قلدته ملكة بريطانيا للسيدين الجليلين الحسيب النسيب على الميرغنى والإمام عبد الرحمن محمد أحمد المهدى رضى الله عنهما وأرضاهما وهو نوط بلقب سير SIR ، وورث أبناؤهم وأحفادهم هذا اللقب عنهما كما يرث كل إبن عن أبيه أصوله الثابتة والمنقولة ، وحين نقول السيد محمد عثمان أو السيد الصادق فهذا لايعنى أنهما سادة لنا ونحن عبيد لهما فالسيد هو الله سبحانه وتعالى وحده ولكنه إقرار منا بمكانتهما الإجتماعية كسادة بيينا وهو أمر واقع لن يلغيه أو يقلل منه حديثك عنهما ، أما إذا أردت أن تعرفى ماذا لقينا من حكم السيدين الذى لم يستمر لإكثر من ثلاثة سنوات فى كل مرحلة من مراحل الديمقراطية الثلاث ، أن حكم السيدين لقينا منه التعليم المجانى مع السكن المجانى بالداخليات وأكلها وشربها ،لقينا منه العلاج المجانى بالداخل والخارج ، الإبتعاث للدراسات العليا بالخارج ، السمعة الطيبة للسودانى أينما ذهب كان مرحبآ به ، بينما اليوم بدأ السودانى يبحث عن جنسيات أخرى كالأريترية والتشادية لإخفاء هويته السودانية حين يسافر شرقآ أو غربآ ، متحسرين على زمان كانت السودانية فيه محل إعتزاز الجميع وأنتم سيدتى الوزيرة من سعيتم للتقليل من مكانة السيدين بين أهل السودان ، وخلق ساده جدد ليملأوا الفراغ ، فأستنسختم ساده جدد من طراز فريد ، كدكتور خليل وعبد الواحد ومني وباقان أمون وأناس كثر يفتقدون لمقومات الزعامة الحقيقية ، فعدتم تبحثون عن السيدين الأصليين وبالأمس سمعت مذيعكم يخاطب السيد الصادق المهدى فى إجتماع عقد بمنزله ( بالحبيب ) ياسبحان الله مغير الأحوال من حال الى حال .
مع كل هذا الذى قيل منى فى حق ثورة الإنقاذ ، الثورة التى أكلها أبناؤها ليملأ بطونهم ويفرغوا عقولهم من فكرها أقرً وأشهد على نفسى بأنى كنت أحد الذين خرجوا مؤيديين لثورة الإنقاذ من خارج تنظيم الحركة الإسلامية فور إعلان البشير لبيانها الأول ، فقد سبق وان قلت لكم أنى إتحادى المنشأ والولادة وهذا ما أقسمنا عليه فى الإجتماع الذى ضم أكثر من 400 عضو من مختلف محليات الخرطوم والذى عقد فى غرفة الإجتماعات بميدان الأسرة فى سنوات الإنقاذ الأولى .أنا إتحادى بالميلاد ، فمسقط رأسى منطقة الرباطاب دائرة مقفولة للحزب ماتت سياسيآ بموت زعاماتها المتمثلة فى الأزهرى والحسين الهندى وزروق وبقية العقد الفريد ، فدفعت بى حالة الموات الفكرى والإحباط الذى أعيشه فى تلك الفترة الحرجة من تاريخ السودان للتهليل والترحيب بمقدم البشير ، وقد تطور هذا التأييد الى مرحلة العمل الإيجابى والمشاركة فى اللجان الشعبية التى كونها النظام ظنآ منا أنها شعبية بمعنى أنها لكل الشعب دون تمييز ، فأديت القسم لمؤازة النظام وكان القسم واضح ( أنا 0000 أقر وأشهد بأنى إتحادى ومن اليوم فكل ولائى للإسلام والسودان والإنقاذ ) الكل أقسم متنازلآ عن ميوله السابقة الضيقة منطلقآ نحو أفاق أرحب وأوسع ( الإسلام السودان الإنقاذ ) فباشرت بمحلية شرق مع أخى رشاد مكى صادق وآخرين مسئولية جمع المال فى زمن ( الفقر والعوذ ) الذى عاشه النظام فى بداياته وكنا نؤمن كل إحتياجات مجندى الشرطة الشعبية والمرابطين بالمحلية ، التى ساهمت مساهمة مقدرة فى تأمين الثورة فى سنواتها الأولى ، ليستمر هذا التأييد والدعم مع البيعة لقائد الثورة العميد البشير ، فأدينا البيعة الأولى بميدان أركويت والثانية بإستاد الخرطوم ، لنفأجأ بأن هنالك جهاز سياسى خفى لم يعلن لنا عن نفسه فى إجتماع ميدان الأسرة يرسل لنا قوائم بأسماء رؤساء المحليات ونوابهم والمواقع المتقدمة من المحسوبين على الحركة الإسلامية فتسألت من الذى أرسل هذه الأسماء ولماذا لانتتخب كل محلية مكتبها . فقيل لى : أن هذه الأسماء مرشحة من قبل الحركة الإسلامية السودانية ( الجبهة الإسلامية القومية وتحديدآ من زعيمها الترابى مش كده وبس كمان بلغنا بأنه قرر أن يكون الإسم من اليوم وصاعدآ محلية وليس بلدية ) . قلت لهم أين مكان هذه التنظيم فى القسم الذى أقسمناه للإسلام والسودان والإنقاذ ، أقسموا جميعهم بأن بعد الإنقاذ لا حزبية ولاطائفية ، فغادرت مكتب المحلية ولم أدخله إلا فى يناير 2008م أطلب إزالة سكن عشوائى من أمام منزلى . سار الجماعة فى نهجهم الجديد ، إلا أن دعينا فى منتصف التسعينيات لحضور إجتماع إنتقائى عقد بمزرعة منظمة سلسبيل الخيرية الإسلامية بسوبا غرب يخاطبه الدكتور مجذوب الخليفة وآخرون أذكر منهم الدكتور الجميعابى والدكتور المعتصم عبد الرحيم بغرض الإستماع لتنوير عن نية الدولة تأسيس فرع لحزب المؤتمر الوطنى بمحلية الجريف غرب وسوبا . جاء فى التنوير أن هذا الحزب سيكون وعاءً جامع لكل أهل السودان بمختلف دياناتهم . وحينما أتيحت لى فرصة الحديث رفضت فكرة الإنضمام لحزب يجمع بين المسلم والمسيحى واللادينى فى وقت تبشر فيه الدولة بمشروعها الحضارى وهو تعبير يقصد به المشروع الإسلامى ، وتساءلت كيف لنا تحقيق مشروع إسلامى والحزب يضم نصارى ولادينيين مشيرآ بيدى الى عدد من أبناء الجنوب المسيحيين واللادينين وإخوة أقباط كانوا من بين الحضور ، معلنآ رفضى للإنضمام للحزب ، مع الإستمرار فى تأييدى لثورة الإنقاذ وماطرح ببيانها الأول من خارج حزب المؤتمر الوطنى ، فعقب الدكتور مجذوب الخليفة وبلهجة لاتخلو من الغلظة على حديثى قائلآ ( لو لم تكن راغبآ فى الإنضمام للمؤتمر الوطنى فالإنقاذ ليست فى حاجة لأمثالك ) فغادرت المكان على الفور مسقطآ الإنقاذ ومؤتمرها الوطنى من حساباتى وتفرغت لأسرتى ، فكنت الرابح بعودتى لوطنى الثانى السعودية مغتربا للمرة الثانية ، لأتابع من هنالك الخطوات التى خطتها ثورة الإنقاذ ممثلة فى حزبها الحاكم ( المؤتمر الوطنى ) بتوقيع إتفاقية نيفاشا التى أتت بالمتمردين والخوارج شركاء للثورة التى أيدناها وبايعناها لإقامة شرع الله فى الحكم فى تجاهل واضح لقول الله تعالى ( لن ترضي عنك اليهود والنصارى حتى تتبع ملتهم ) ولتسـن لنا سنة سيئة ، تلخصت فى أن كل من يخرج على القانون ويحمل السلاح ويروع الأمينين ويقتل الناس يتم التفاوض معه من قبل الدولة ويؤتى به للقصر معززآ مكرمآ نائبآ أو مساعدآ ، مستشارآ أو وزيرآ ، وهاهى الثورة اليوم تتلقى المكافأة على فعلتها فى شكل شتائم وإنتقادات من قبل السيد / باقان أموم وزير الدولة بمجلس الوزراء الامين العام للحركة الشعبية الذى وصفها بالفاشلة والفاسدة وعديمة النضج ، ليكون هذا الحديث تصديقآ لقول الله سبحانه وتعالى بعدم رضى أموم النصرانى عن البشير المسلم ، وتأكيدآ لى أنى كنت محقا حين لم أنضم لحزب يجمع هذه التناقضات . فى حديث لأمين عام الحركة الإسلامية السودانية الأستاذ / على عثمان محمد طه صدر عقب إنتهاء مؤتمر الحركة الإسلامية السابع جاء مايلى : ( ... وأشار أن الحركة الإسلامية أقرت أن يكون المؤتمر الوطنى ساحتها السياسية ومنبرها الذى تصل عبره لبقية مكونات الوطن ) ، فهل يسع الجدول مياه النهر ؟ وهل يسع النهر مياه المحيط ؟ الإسلام هو الكل فكيف تجعلون من حزب ضيق محدود العضوية ساحته ومنبره . ألم تستمعوا لحديث العلامة الدكتور زغلول النجار عن تأسيس الحزب الوطنى بمصر على يد السادات بأنه هرم مقلوب وتأسيس المؤتمر الوطنى بالسودان على يد الرئيس البشير لايختلف عن أخيه الوطنى فى شمال الوادى . لقد قال الدكتور زغلول أن الحزب الذى يؤسسه الحاكم ويزج بالوزراء والوكلاء والولاة والنواب والدستوريين وكبار وصغار موظفى الدولة ورجال الجيش والشرطة والأمن فى عضويته هو هرم مقلوب بدأ تأسيسه من قمة الدولة ونزل للشعب بينما من المفترض أن يبدأ تكوين الحزب من القواعد الشعبية العريضة صعودآ للإعلى لتنتخب هذه القواعد قمة الهرم السياسى للحزب ، وهذا ما لم يحدث لا فى هرم خوفو مصر ولا فى هرم البجراوية السوداني ، فكليهما هرم مقلوب ، رأسه للأسفل وقاعدته للأعلى ، فالصورة مقلوبة ويتوقع سقوطه متى ماهبت الرياح عليه .

----------------------------------------------------------------------------------------------------------

مقال رقم (3)
المشكلات الحالية التى تعيق تحقيق نهضة زراعية حقيقة بالسودان
لا أمل لنا فى تحقيق نهضة زراعية دون ضمانة حقيقية لتسويق مجزى للمنتج الزراعى ولاضمانة لتحقيق تسويق مجزى للمنتجات الزراعية دون علاقات خارجية ممتازة مع أمريكا ودول المعسكر الغربى وبقية دول العالم . فهل نحن جاهزون لتحقيق هذا التقارب وتذويب جبال الجليد التى بيننا ؟؟ يظن الكثيرون أن ( وجود الأراضى الزراعية الخصبة الشاسعة ، وفرة المياه العذبة من مياه الأنهار الدائمة ومياه الأودية الموسمية ومياه الأمطار والمياه الجوفية مع ضمان التمويل البنكى للمزارعين ) هى العناصر الأساسية والوحيدة لإحداث نهضة زراعية ، فى ظل أى نظام حتى لو كان هذا النظام كالنظام الذى يحكم السودان منذ عقدين . ماذكر أعـلاه جزء هام من أسباب النجاح ولكنه ليس كل النجاح ، فكان من المفترض توفر وضع سياسى يحقق ( الضمانة الضرورية لتسويق المنتج بسعر مجزى يعود على المزارع بالربح الوفير الذى يمكنه من دخول موسم زراعي جديد دون الحاجة لتمويل بنكى تترتب عليه أرباح ربوية تمحق ولاتربى ) . فالنجاح الذى يحققه المزارع الأمريكى والكندى والأسترالى والأوربى يعود فى الأساس لدعم الدولة المباشر والغير مباشر له ، ومنطقتنا العربية عاشت لثلاثة عقود مضت تجربة زراعة ناجحة فيما بين 1970م -2000م كان العنصر الأساسى فيها ( ضمانة الدولة لتسويق مجزى للمنتجات الزراعية ) . فدعونا نتعرف على تجربيتن زراعيتين فى منطقتنا العربية ، الأولى تحكى قصة النجاح الزراعى بالسعودية فيما بين 1970م – 2000م والذى توقف بعد ذلك عن زراعة بعض المحاصيل كالقمح والشعير وعلف الصادر بأمر من صانع القرار خوفاً على الهدر الذى قد يصيب المخزون الجوفى للمياه الغير متجدد بتلك الدولة لصالح أجيال الغد والتوجه لزراعة أنواع آخري من المنتجات الزراعية كالخضر والفواكه التى لاتحتاج لكميات كبيرة من المياه ، والثانية تحكى عن قصة فشل الزراعة المتكرر فى التجربة السودانية التى توفرت لها كل العوامل عدا ( المرجعية الواحدة للقرار التى تحقق الضمانة لتسويق مجزى ) مع إلزام الحكومات الولائية ومجالس الأقاليم والمحليات من تنفيذ القرارات التى تصدرها الهيئة العامة للإستثمار بشأن الزراعة ، وتلك التى تصدر عن رئاسة الجمهورية . فالسودان يحتاج لحكومة قوية فاعلة محترمة تصب كل مواعين التحصيل فى المركز ( وزارة المالية ) وتتولى وزارة المالية مسئوليتها الكاملة تجاه كل الولايات ولايترك أمر سداد مرتبات معلمى مرحلتى الأساس والثانوية وغيرها لرؤساء المحليات ويقال لهم بالبلدى ( إتصرفوا وحلوا مشاكلكم ) لتتحول المحليات الى سيف مسلط على رقاب الشعب والمستثمر الوطنى والأجنبى ، تقطع الطرق وتجبى المال بقوة السلاح لافرق بينها وبين جماعة النهب المسلح ، حتى تحولت الدولة ، كل الدولة ، الى حكومة أشبه بماكنا نسمع عنه فى حكم التركية السابقة ، ولكن مايجبى فى هذا العهد مليارات الجنيهات تجبى وتجنب ولاتعلم وزارة المالية وديوان المراجع العام كيف تجمع وكم تبلغ وكيف تنفق ؟ . فلماذا نجحت النهضة الزراعية السعودية والتى لا تتوفر لها عناصر الأرض الخصبة والمياه العذية ؟ ولماذا فشلت وستفشل النهضة الزراعية السودانية التى تتوفر لها جميع العناصر ، عدا عنصر الإرادة الداخلية والعلاقات الخارجية ؟ فى البدء دعونا نتعرف على أسباب نجاح النهضة الزراعية السعودية فيما بين 1970م – 2000م ؟ أنقل لكم جزء من التقرير الذى أعده البنك الدولى عن الدعم الحكومي السعودي للمزارع ، كما سأنقل لكم فى مكان آخر من هذا المقال مانشر بصحيفة " الإقتصادية " السعودية اليومية العدد رقم 3390 – صفحة شـركات – الصادر فى يوم الأربعاء 22/1/2003م للكاتب الصحفى السعودى إسماعيل على والذى مازلت أحتفظ به لأهميته عن أسباب الهدم الزراعى فى السودان المقصود لإفشال عملية النهضة ونعود ونلقى باللوم على أمريكا والغرب . خصص هذا الجزء من مسودة تقرير البنك الدولى لدعم الحكومة السعودية لمزارعيها فى مرحلة التجهيز والزراعة :
AS A CONSEQUENCE OF THAT POLICY , THE PEROID 1979 – 1988 SHOWS THE HIGHEST RATES OF GROWTH IN AGRICULTRE IRRIGATION IN THE KINGDOM . PERMITS WERE GRANTED TO FARMERS AND PRIVATE COMPANIES IN THOSE REGIONS WHERE EXPLORATIONS BY THE PUBLIC SECTOR HAD REVEALED THE EXISTENCE OF GROUNDWATER . THE PERMITS ALLOWED FARMERS TO DRILL WELLS WITH INTERESET-FREE LOANS AND 50% SUBSIDES OF THE COST OF PUMPING STATIONS . IN ADDITION , FARMERS COULD GET INTEREST FREE-LOANS FOR EQUIPPING THEIR FARMS WITH MODERN IRRIGATION SYSTEMS . AGRICULTURAL ENTERPRISES ALSO RECEIVE SIGNIFICANT INDIRECT OR IMPLICIT SUBSIDES IN THE FORM OF LOW ENERGY PRICES FOR DIESEL AND ELECTRIC POWER USED IN IRRIGATION . MOREOVER , AGRICULTURAL ENTERPRISES HAVE FREE ACCESS TO NON-RENEWABLE GROUNDWATER RESOURCE
{ وكنتيجة لتلك السياسة فإن الفترة فيما بين العام 1979م الى العام 1988م شهدت أعلى معدل للنمو في الرَيِّ الزراعى بالمملكة ، حيث كانت تمنح الرُخَص إلى المزارعين وشركاتِ القطاع الخاص السعودى في تلك المناطقِ بعد أن كشفت نتائج الفحوصات والإستكشافات التى أجراها القطاع العامِ عن وجودَ كميات كبيرة من المياه الجوفيّةِ ، فمنحت الرُخَصُ للمزارعين لحَفْر الآبار بقروضِ حسنة خالية من أى أرباح مع خصم يصل الى 50% مِنْ تكلفةِ طلمبات الري ( المضخات) ، بالإضافة الى أن المزارعين يُمْكِنُهم أَنْ يَحْصلوا على قروضِ ميسرة خالية من الأرباح لتَجهيز مزارعِهم بأنظمةِ الرَيِّ الحديثةِ ( الري المحوري ) . كذلك تستلم المشاريعُ الزراعيةُ إعانات مالية غير مباشرة على شكل أسعارِ طاقة منخفضةِ للديزلِ والطاقة الكهربائيةِ المستخدمة في الرَيِّ، علاوة على ذلك فإن المشاريع الزراعية يسمح لها بالدخول المجاني إلى مصادرِ المياه الجوفيّةِ الغيرِ قابلة للتجديدِ ولاتؤخذ منها رسوم مياه } . الصورة الثانية والأهم فى مجال الدعم السعودى لمزارعية ، هو دعم لمرحلة مابعد الحصاد وهو الضمان للبيع بسعر مجزى جعل جل السعوديين يهجرون التجارة والصناعة والعمل الحكومى ليتجهوا نحو الزراعة وإمتلاك المزارع حتى أصبح للسعوديين أكبر مزرعتين للألبان فى العالم فى وسط شبه جزيرة العرب هما ( ألبان الصافى والمراعى ) اللتين يفضل إنتاجهما كل من حج أو أعتمر أو إغترب ، وكثيرأ ماتمازحنى إبنتى المكارم بأنى عدت مرة ثانية للإغتراب بالسعودية من أجل حليب المراعى والصافى وتمور السعودية من صقعى ونبوت سيف وخلاص الرياض وسكرى القصيم ، فمن شرب من حليب السعودية وأكل من تمورها لابد له من عودة ، ولتسقط مقولة من شرب مياه النيل . كذلك جاء فى مسودة تقرير البنك الدولى مايلى : DURING THE 1990s THE GOVERNMENT STARTED TO TAKE MEASURES AIMED AT REDUCING PRESSURE ON WATER BY STOPPING LAND DISTRIBUTION , IMPOSSING PRODUCTION QUOTAS ON WHEAT FARMERS , BANNING WHEAT AND FORAGE EXPORTS AND JUST RECENTLY NOT PURCHASING BARLEYS FROM FARMERS . THE GOVERNMENT ALSO BANNED THE EXPORT OF WATER-INTENSIVE FORAGE CROPS SUCH AS ALFALFA THAT ARE USED IN DAIRY PRODUCTION . WITH THE SAME OBJECTIVE OF SAVING WATER , THE MINISTRY OF AGRICULTURE PROMOTED THE GENERALIZATION OF MODERN IRRIGATION TECHNIQUES BY PROVIDING SUBSIDIZED TREE SEEDINGS ONLY TO THE FARMS ALREADY EQUIPED WITH THESE SYSTEMS . THESE MEASURES ENCOURAGED FARMERS TO SWITCH FROM CULTIVATING WHEAT TO FRUITS TREES . AS A RESUILT OF CURTAILING SUBSIDIES AND PRICE SUPPORT PROGRAMS هذا الجزء من تقرير بعثة البنك الدولى للسعودية ، يتحدث عن تقليل الضغط على مخزونها من المياه الجوفية بوقف توزيع الأراضى الزراعية ، التقليل من زراعة كوتات القمح والعلف بالإضافة الى رفع الدعم الحكومى لشراء الشعير من المزارع ومنع تصدير البرسيم ذاك العلف الحيوانى الذى يحتاج لكميات كبيرة من المياه والذى كان ينتج بكميات كبيرة تفى الحاجة المحلية لمزارع الألبان السعودية ويصدر جزء مقدر منه لدول الخليج ، فأكتفوا بزراعة مايفى حاجتهم حفاظا على مخزونهم الجوفى ، مما دفع بالمزارعين للإتجاه لزراعة الخضر وأشجار الفواكه بدلا من القمح َنتيجة لتقليل الإعانات الماليةِ وبرامجِ دعمِ الأسعار . هذا هو مربط الفرس ، عندما تم دعم سعر بيع المنتجات الزراعية وليس المعينات الزراعية من توزيع للأراضى وقروض ميسره للآليات والوقود ، إندفع المزارعون نحو الزراعة وحينما قننت الدولة الزراعة وأوقفت دعم أسعار البيع لبعض المحاصيل توقف المزراع عن زراعتها وأتجه نحو زراعة أشحار الفواكة والخضر والتمور . يخيل لى أن الصورة قد إتضحت للقارىء لأسباب النجاح لدي (السعوديين ) وأسباب الفشل لدي ( السودانيين ) والذى يتلخص فى عدم وجود برنامج سودانى لضمان دعم سعر بيع المنتج بالقدر الذى يحقق ربحية للمزارع السودانى . وقد يتهكم البعض من حديثى ويقول أتريد أن تعقد مقارنة بين دولة تنتج 9 مليون برميل نفط فى اليوم وعدد سكانها لايتجاوز 27 مليون نسمة ، مع دولة تنتج نصف مليون برميل فى اليوم وعدد سكانها تجاوز 42 مليون نسمة ؟ فلهؤلاء أقول إذا لم تكن لديكم القدرة لدعم المزارع فى مراحل الزراعة الثلاثة ( الزراعة – الحصاد – ضمان التسويق المجزى للمنتج ) توقفوا عن الزراعة وأزرعوا كما زرع الآباء والأجداد لمايزيد عن 7 ألف سنة منذ ان كان السودان القديم جزء من ممالك النوبة التى حكمت مصر والسودان ، توقفوا عن القروض البنكية ذات الأرباح الربوية التى زجت بمعظم الزراع فى السجون وعودوا للزراعة التقليدية بالساقية والشادوف لإنتاج مايسد الرمق وعيشوا حياة الآباء والأجداد البسيطة حتى يصل صادرنا من البترول لمستويات تعطي الدولة القدرة على تحقيق برنامج سودانى لضمان دعم الأسعار لبيع المنتج بما يحقق ربحية للمزارع السودانى ، أو غيروا سياساتكم الخارجية وقدموا بعض التنازلات من ثوابتكم حتى تنالوا ثقة الدول الكبرى مهيئين الجو الصحى لجلب المستثمرين الأجانب والعرب ليتولوا مشكورين الزراعة نيابة عنا مع ضمانة فتح اسواقهم لمنتجاتنا الزراعية . لاتلعنوا الغرب وأنتم تعلمون أنه من يصنع الأليات الزراعية والأسمدة والمبيدات الحشرية ، لاتلعنوا الغرب وأنتم تعلمون أنه من يتحكم فى الأسعار العالمية للحبوب ، لاتعجبوا بماوصلت إليه اليابان وكوريا الجنوبية وماليزيا ونمور آسيا وأنتم تعلمون أنهم ماكانوا ليصلوا الى ماوصلوا إليه دون تصالحهم مع الغرب بعد نهاية الحرب العالمية الثانية . الغرب قوة رضينا بها أم أبيناها ، إن أراد خفض قيمة الحبوب عالميا حين ننتجها ليدخل مزارعينا السجون يغرق أسواقنا وأسواق المنطقة التى حولنا بمنتجاته من نفس الحبوب التى فى الغالب توزع كإعانات كتب عليه شعار المعونة الأمريكية US AID ، وعندما يخسر المزراع يتوقف عن الزراعة للعوز يصب الغرب جزءً مقدرآ من مخزونه من الحبوب فى مياه المحيط ليتسبب فى رفع سعرها ، ونحن نلهث خاسرين إن زرعنا أو لم نزرع ، حتى إرتفع حجم المديونية العامة لبلادنا لرقم تجاوز الثلاثين مليار دولار ملزم أبناؤنا وأحفادنا فى المستقبل بسداداها دون ذنب لهم سوي أن آبائهم إختاروا السير فى الطريق الخطأ ، حتى وصل ربع الذره الذى كنا نشتريه بقرشين فى الماضى الى ثمانمائة ألف قرش خلال شهر أغسطس 2008م وقابل للزيادة . دعونا نتعرف على المعوقات والمشاكل التى تواجه المستثمر الأجنبى بالسودان ، فالنجاح يقاس بالدرجات والدرجات التى يبحث عنها المستثمر ( وطني ، عربى أو أجنبى ) تتلخص فى معادلة رياضية بسيطة : تكلفة الإنتاج لجوال الذرة القمح الشعير الدخن أو طن العلف أو غيره > يجب أن تكون أقل من سعر البيع وإلا كانت الخسارة ، وبالخسارة يخرج المستثمر الأجنبى ولايعيد الكرة بعد أن يخسر رأسماله ، أما المستثمر الوطني ، فيذهب للسجن حتى سداد قيمة القرض للبنك . بهذ المعادلة الرياضية البسيطة يحقق المزارع الربح وبالربح تنفتح شهية المزارع لتجهيز الأرض من ماله الخاص للموسم القادم فالمزارع لايهمه كم جوال أنتج أو كم فدان زرع ، المهم كم جنيه دخل جيبه بعد الحصاد وهل مادخل جيبه يزيد أم يقل عن ما أنفقه فالمزارع الذى ينتج مائة ألف جوال دون ضمانة الدولة لبيع مجزى يخرج من سوق الزراعة ويذهب للسجن حتى سداد التمويل البنكى وهذا ماحدث وماسيحدث لكل مزارعى السودان إن لم تتغير السياسات الزراعية فى بلادنا التى تدعم المزارع عند مرحلة الزراعة والحصاد وتتركه لمضاربة السوق وشيطان العرض والطلب ، بينما لم يذهب مزارع سعودى واحد للسجن أو يضطر لبيع ممتلكاته من منزل وخلافه لتسديد قروض التمويل الزراعى ، فتعالوا معى نطلع على التجربيتن اللتين حدثتا فى بلدين ، تتوفر فى إحداهما كل مقومات النجاح الزراعى من أرض خصبة تقدر بملايين الأفدنة وأنهر جارية وأمطار موسمية ومخزون جوفى كبير لمياه عذبة ومناخات متنوعة ، وبلد تعتبر الدولة الأكبر فى العالم التى لايوجد بها نهر أو بركة مائية عذبة وأمطارها شحيحة وتأتى على فترات متفاوته ، فلماذا حققت النهضة الزراعية السعودية نجاحا باهرا خلال العقود الثلاثة المنصرمة 1970م – 2000م حتى أصبحت السعودية تملك أكبر مزرعتي ألبان فى العالم وتغذى كل دول الخليج بالتمور والخضروات ومنتجات الألبان ، ولماذا ؟؟؟ . معوقات أمام المستثمر الأجنبى نشرت قبل أكثر من خمسة سنوات نأمل من الدكتور عجيمي الرد على ماتمت معالجته منها : أمامى العدد رقم 3390 لصحيفة " الإقتصادية " السعودية اليومية – صفحة شـركات – الصادر فى يوم الأربعاء 22/1/2003م وقد لفت نظرى مقال إسماعيل على من الرياض { توجه لدى السعوديين للإستثمار الجماعى بالسودان } ، فسعدت أيما سعادة بهذا الخبر ومن منا لايريد الخير لوطنه ، خاصة إذا كان هذا الشخص قد غادر وطنه قبل إسبوع فقط من تاريخ هذا الخبر مغتربآ بدول الخليج وللمرة الثانية وهو على أعتاب الستين من عمره يعانى من مرض السكر والماء البيضاء فى العيون ، وقد كان مشوار غربته الأول بدول الخليج فيما بين 1974م و 1988م شاباً قويا معافى لم يتجاوز الخامسة والعشرين ، مما يؤكد أن قرار الغربة الثانى دليل لايحتاج لتاكيد بأن الوطن أصبح ضيقآ لايسع كل أبنائه وما الألوف التى تصتف يوميآ أمام الباب الشمالى للسفارة السعودية بالخرطوم إلا تأكيدآ لهذا الضيق وأن المليون ميل مربع من الأرض الخصبة والموارد الطبيعية والمياه الوفيرة أصبحت لاتفى باقل الأحتياجات الضرورية لإنسان السودان . لذا كان خبر وصول جماعى لمستثمريين سعوديين مصدر سعادة لى فتناولت الصحيفة لأقرأ ما بين السطور ، فأصبت بخيبة أمل كبيرة ، فقد كان هذا الخبر الدقيق عبارة عن إصدار شهادة وفاة للإستثمار فى المجال الزراعى بالسودان وإدانة لكل سوداني معني بأمر الأسـتثمار فى السودان . لاتعليق لى على الخبر وسـأورده كاملآ كما ورد : { أكد " للإقتصادية " مستثمرون سعوديون فى السودان على جدوى وأهمية الأستثمار الزراعى فى السودان ، خاصة فى مجال زراعة الأعلاف التى تقل تكلفتها بنسبة 50% عن السعودية . وشدد المزارعون على ضرورة أن يكون الأستثمار جماعيآ للحد من المخاطر والخسائر التى تعترض المستثمرين ، وذلك من خلال إقامة شركة سعودية للإستثمار فى السودان يكون ضمن أهدافها بحث طبيعة الأستثمار فى ذلك البلد ومعوقاته . وتعرف الأجتماع الذى نظمته اللجنة الزراعية فى غرفة الرياض أمس ، على تجارب مستثمرين سعوديين فى السودان على أرض الواقع وطبيعة المناخ الأستثمارى ومزاياه وحجم المشاكل التى إعترضتهم ، والتى تم حصرها فى : عدم توافر قطع الغيار للمعدات الزراعية فى السودان ، كثرة الرسوم والضرائب على المعدات والأليات الزراعية وإرتفاعها ، وجود إشكاليات متعددة فى موضوع ملكية الأرض لإعتراض الأهالى والقرويين على قرار الحكومة منح المستثمرين الأجانب أراضى زراعية على ضفاف النيل فى ولاياتهم ، إختلاف مرجعية القرار من منطقة لأخرى ، وجود تضارب فى الصلاحيات بين الولاة والمجالس التشريعية لكل ولاية ، عدم توافر وسائل نقل حديثة من مناطق الأنتاج الى الميناء ، عدم وجود محاكم خاصة للمستثمرين الأجانب لفض النزاعات العمالية ، ضعف البنية التحتية ، عدم توافر الأسمدة والمبيدات فى السوق السودانية ، عدم توافر سيولة نقدية فى المصارف السودانية وتغيير القوانين الخاصة بالمستثمرين الأجانب عدة مرات} . هذا الكم الهائل من المشاكل الذى يعيق الأستثمار بالسودان كما شخصه الأخوة السعوديون دليل واضح على فشل نظام الحكم الإتحادى بالسودان مما يستدعى قيام حكومة مركزية قوية بالخرطوم وإستبدال الولاة كل الولاة بحكام عسكريين ينصاعون لتعليمات المركز حتى يفتح الله على السودان بنظام ديمقراطي حقيقي وليس ديمقراطية مزيفة . إن أسوأ ما تضمنه هذا التقرير ، هو إختلاف مرجعية القرار و تضارب الصلاحيات ، مما يعنى ضعف المركز وعدم إمتثال الولايات ومايتبعها من محافظات ومحليات لسياسة الدولة العامة وقراراتها ، وقد عانينا كثيرآ من وجود (قائدين) حتى تدارك البشير الأمر بإزاحتة لعرابه حسن الترابى ، وليته يفعلها مرة ثانية ويزيح عن صدر الشعب السودانى هذا الكم الهائل من النواب والمساعديين والمستشاريين والوزارء ووزراء الدولة والولاة ونوابهم ووزراء الولايات وأعضاء المجلس الوطنى والمجالس التشريعة ومنسقي المنسقيات وعشرات الألاف من أصحاب الرتب الدستورية العليا بحكومات الشمال وحكومة الجنوب وحكومات الترضية فى الشرق والغرب الذين أثقلوا كاهل الشعب السودانى بمخصصاتهم ورواتبهم الكبيرة دون أن يحلوا أى مشكلة من مشاكل هذا الشعب المزمنة حتى عجز المركز عن تسديد مرتبات المعلمين وغيرهم وترك الأمر للمحليات تجبي المال بالطرق التى تحلو لها لسداد مخصصاتهم ، فقطعت المحليات الطرق الرئيسية بأوامر محلية وشرطة وسلاح تجبى المليارات من الأموال المجنبة التى لاتورد لخزينة الدولة ، ويجبى الولاة مايحلو لهم من مليارات بإسم النفايات وتجبى جهات أخرى محرم الحديث عنها المليارات بإسم دمغات دمغة الشعب السودانى بالزل والهوان ، ليعم الفساد كل شىء حتى قال عنهم شريكهم فى الحكم ( دولة فاشلة ، خاسرة وفاسدة ) أثقلت عتاواتهم القسرية كاهل المواطن العادى الفقير والمواطن المنتج والمستثمر العربى والأجنبى وتسببت فيما عرف فى تقرير غرفة تجارة الرياض إختلاف مرجعية القرار و تضارب الصلاحيات ، بل زادوا مشاكل المواطن السودانى وأرهقوا ( محمد أحمد ) دافع الضريبة ، فتحول عدد كبير من أثرياء السودان الى فقراء ومتسولين فى الداخل والخارج وقد إعترف بذلك الـيد الرئيس المشير عمر البشير فى خطاب ولايته الثانية حين قال إن سياسة ( الأنقاذ ) أفقرت الشعب السودانى وذكر بأن سيتولى تفكيك شركات القطاع العام لرفع المعاناة والفقر عن الشعب السودانى ، فصفقنا له وذهبت لمركز الجريف غرب بالحارة الرابعة وأدليت بصوتى لمن قرر أن ينحاذ لشعبه ورفع الفقر عنه ، لم أدلي بصوتى للبشير فقط بل قلت لإبنى المدثر الذى كان برفقتى عندما تدخل القطية لاتنسى تشغيل المروحة ، فكنت أذكره برمز القطية والمروحة وليتى لم افعل حيث لم ينفذ السيد الرئيس قراره بتفكيك هذه المؤسسات بل زاد عددها وتوسع فى نشاطها توسعآ أطبق على أنفاسي فخرجت مغادرا للوطن بخروج نهائى وأن السيد الرئيس لم يعد لذكر ذلك الحديث الذى أسعدنى للحظات . فالدولة فى عهد ( الإنقاذ ؟؟ ) قد إحتكرت حتى أعمال البناء وتحول برنامج الأنقاذ الأقتصادى من نظام الإقتصاد الإسلامى الى نظام الإقتصادى الشيوعى . فإحتكروا المال والسلطة فى يد دولة قوية بالمال والسلاح ، تحكم شعب فقير وضعيف ومريض وممزق نفسياً ، أشبه بما كنا نشاهده فى رومانيا على عهد شاوشيسكو . فأصبحت الدولة ومؤسساتها تملك كل شىء وتباشر كل شىء حتى أنها دخلت سوق مراكز الأتصالات ومحلات تصوير المستندات والطباعة بالكمبيوتر لتأمين موارد دخل إضافة لتلك الوزارات تجنب وتوزع دون علم ديوان المراجعة ، رأسمالها المال العام ، بعد أن إحتكرت بالكامل صناعة شق الطرق وتنفذ شبكات الصرف الصحى والمياه بمؤسساتها العامة المملوكة لها أو بمؤسسات أنظمتها الحزبية ومؤسسات الهيئات الإسلامية التابعة لهم ، فحولت بسياستها الأقتصادية تلك الشعب السودانى كله الى ثلاثة فئات : فئة المتمكنين والمنتفعين واصحاب الحظوة من الملتزمين والملتصقين بهم وهى الفئة التى ذكرها السيد رئيس الجمهورية فى المقابلة التلفزيونية مع قناة الجزيرة والمذيع أحمد منصور حين سأل فخامته { فخامة الرئيس مع إنتاجكم للبترول ومواردكم المتعددة إلا أن أوضاع الشعب السودانى لم تتحسن؟} فرد عليه فخامة الرئيس { لا ، فى ناس أوضاعها تحسنت } كنا نتوقع من الأستاذ /أحمد منصور أن يواصل الحديث ويتوجه بسؤال للسيد الرئيس لنتعرف على هذه الفئة التى تحسنت أحوالها دون غيرها ؟ وهل الإنقاذ جاءت لتحسين أحوال فئة دون أخرى ؟ كنا نأمل أن يواصل الأستاذ/ أحمد منصور أسئلته ليعرفنا على هذه الفئة ، يعرفون بسيمائهم وسياراتهم ولايشكلون أكثر من 5% من السكان . الفئة الثانية فئة المطحونين ، ممن يعملون فى القطاعين العام والخاص أو جحافل العاطلين وأصحاب المهن الهامشية ، من أصحاب الدخول التى لاتكفى حتى ولو لوجبة واحدة ، وهذه الفئة تشكل حوالى 90% من نسبة السكان ، أما الفئة الثالثة وهى فئة الناجين أو الهاربين ويطلق عليهم إسم المغتربين فهم أفضل حالآ من الفئة الثانية وإن كانت غالبيتهم تعانى الأمرين فى دول المهجر ولم تحقق نجاحا وتخشى من العودة لوطن لامستقبل فيه ، مخاطرة تتنوع وتتجدد حتى بدأنا نسمع بأن نخيله لاطائراته قد بدأ يحترق بالألاف . عن المخاطر الإستثمارية بالسودان أمامى نسخة من العدد 3398 من – صحيفة " الإقتصادية " السعودية – الصـادر يوم الخميس 30/1/2003م وفى صفحتها الأولى مقال سلمان الدوسـرى من الدمام { تصنيف السعودية إسـتثماريآ فى درجة مخاطر منخفضة } جاء فيه : { إعتبر تقرير صدر عن المؤسسة العربية لضمان الأستثمار إستنادآ الى مجموعة بى آر أس للإستثمار فى السعودية ، دولآ عربية تصدرتها الإمارات ، الكويت والبحرين فى درجة مخاطر إستثمارية منخفضة جدآ ، فيما جاءت السعودية ، قطر ، عمان ، المغرب ، تونس ، الأردن ، سورية وليبيا فى درجة مخاطر إستثمارية منخفضة ، وتم تصنيف مصر ، اليمن والجزائر فى درجة مخاطر إستثمارية معتدلة وتصنيف لبنان فى درجة مخاطر إستثمارية مرتفعة ، كما تم تصنيف العراق والسودان فى درجة مخاطر إستثمارية مرتفعة جدآ } وهذه أيضآ شهادة وفاة أخرى للإستثمار فى السودان مع كل مانسمعه من جميل القول ومايردده المسئولين من معسول الكلام الذى لايملأ خزائن بنوكنا الخاوية من السيولة ولايساعد فى تقوية البنية التحتية ، فلم نجد من يشخص الداء أو يعطى الدواء لهذه العلل المزمنة . فقط أريد أن أسأل : هل ياترى لسفاراتنا وملحقياتنا فى الخارج إشتراك فى هذه الصحيفة الأقتصادية الهامة ومثيلاتها ، وإذا كان لديهم إشتراك وإطلعوا على مثل هذين التقريرين الخطيرين ، هل قاموا برفعهما لجهة الأختصاص بالسودان للرد عليهما فى نفس الصحيفة " الأقتصادية " إن لم تكن معلومات دقيقة حتى لاتهتز ثقة المستثمر العربى فى (الأستثمار فى السودان) ؟ ، أو لتلافى القصور وتصحيح مسارنا الأقتصادى والأستثمارى إن كانت التقارير صحيحة ، حتى يسع الوطن الملايين التى تبحث عن لقمة العيش فى ديار الغربة وأنا من بين هذه الملايين فى الجولة الثانية والأخيرة من الإغتراب ، فلم يبق من العمر الكثير ، فهلا نبحث عن سودان يحقق الحياة الكريمة لكل أهل السودان وليس لفئة بعينها كما ورد فى رد فخامة الرئيس على سؤال المذيع الإعلامى بقناة الجزيرة أحمد منصور .
-------------------------------------------------------------------------------------------------
مقال رقم (4)
مواضيع ثقافية كتبت فى مواقع أخرى عن سيرة الحركة الإسلامية الحديثة فى السودان أنقلها بتصرف ليتعرف الجيل السودانى الحديث على تاريخ وبدايات هذه الجماعة التى شغلت السودان والمنطقة والعالم كله خلال عقدين من الزمن وماهى المسافة التى تفصل بينهم وبين فكر حسن البنا :
النهج الديمقراطى السليم الذى إنتهجه قطبا الديمقراطية السودانية ( الإتحادى بشقيه بزعامة الأزهرى والميرغنى والأمة بزعامة أبناء وأحفاد الإمام عبد الرحمن المهدى ) وإسلوبهما فى إفساح المجال لكل التيارات السياسية السودانية الحديثة أن تطرح برنامجها على الشارع السودانى دون إقصاء أو حجب للرأى الأخر ، مما أتاح للحركة الإسلامية السودانية الحديثة أن تنمو وتزدهر دون أن تتعرض للمواجهات والقمع الذى تعرضت له قريناتها فى مصر وسوريا والجزائر، واستطاعت أن تنمو من مجرد حركة طلابية بالجامعات لتصبح حزباً سياسياً بعد ثورة أكتوبر 1964 تحت اسم جبهة الميثاق ، ثم اندرجت فى المصالحة مع النميرى عام 1977، بعد أن كانت قد اشتركت فى مواجهته عسكريا فى جزيرة آبا عام 1970، وفى غزو المعارضة من الأراضى الليبية عام 1976.
تمددت الحركة منذ ذلك الحين بصورة غير مسبوقة حيث دخلت المصالحة باستراتيجية سرية تسعى إلى زيادة عدد عضويتها وإنشاء واجهات تنظيمية واقتصادية واجتماعية تعمل من خلالها من وراء ستار ، وأطلقت على هذا النهج استراتيجية التمكين ، وهو ما حدث بالفعل ، إذ تحولت الحركة إلى ثالث أكبر قوة سياسية فى السودان عقب الإطاحة بنميرى فى 1985، وأحرزت 51 مقعداً فى انتخابات 1986، وهو إنجاز غير مسبوق بالنظر إلى أن الحزب الاتحادى الديمقراطى الذى يقوده الميرغنى ، خرج فائزاً بـ 63 مقعداً فقط ، وهو الحزب الأكبر تاريخيا ، والذى كان يسيطر تقليديا على كل البرلمانات المنتخبة بعد استقلال السودان .
وقد تواصلت مسيرة الحركة الإسلامية فى السودان إلى أن قامت بالاستيلاء منفردة على الحكم عبر انقلاب الإنقاذ العسكرى فى 30 يوليو 1989، وتربعت على سدة الحكم ، ترفع شعاراتها وتطبق سياستها التى أعلنتها من قبل .
حادى الركب فى هذه المسيرة كان د.حسن الترابى القائد والأب الروحى وحادى الركب ، فهو الذى قام بإقناع قادة الحركة بالتحول من نهج التربية الذى يعتنقه الإخوان المسلمون، إلى نهج التفاعل السياسى مع الواقع ، وقاد الدعوة إلى التجديد والعودة إلى أصول الدين وطرح نظريته الشهيرة بأن الإيمان هو حركة التدين فى الحياة التى تسعى إلى استنزال المثال المطلق على الواقع المتغير، وتحرك - تبعاً لذلك - فى مساحات واسعة من فقه الضرورة ، وفى سبيل ذلك اصطدم بالحركة الأم التى استبعدته من التنظيم الدولى للإخوان ، إلا أن شخصيته التى تتسم بالحيوية والعناد والمثابرة دفعته بعد وقوع المفاصلة مع الحركة الأم ، إلى القيام بنشاط واسع فى أوروبا والولايات المتحدة ، كما بدأ تعميق صلاته مع الحركات الإسلامية فى آسيا ، فى محاولة لتأسيس تنظيم إسلامى عالمى جديد ، يقوم على التنسيق والمؤازرة بديلا عن مركزية الإخوان والعلاقة الرأسية فى تنظيمهم .
يذكر أيضاً أن الترابى ومنذ عام 1964 أصبح هو القائد الحركى والسياسى والفكرى للحركة الإسلامية فى السودان فى آن واحد ، وبلا منازع ، كما بدأ نجمه فى اللمعان وتجاوز الأطر المحلية والإقليمية عقب إنجازه اللافت للنظر فى انتخابات 1986، وقد استخدم فى ذلك قدراته على التعبئة والحشد ، مستغلاً مواهبه الفكرية ومهارته فى الخطابة والتعامل مع الإعلام .
وحين استولت الحركة على الحكم فى 1989، سعى إلى أن يطرح نفسه كمتحدث باسم الحركات الإسلامية فى العالم فى إطار إجراء حوار أو عقد صفقة مع الغرب . فقد لعب دوراً مميزاً فى أزمة غزو الكويت بقيادته لوفد الحركات الإسلامية ومحاولته التوسط لمنع الحرب ، وإن كان فشل هذه المحاولة قد جر الويلات عليه وعلى نظام الإنقاذ فى السودان، إذ أكسبه ذلك عداءً سافراً من مصر والسعودية ، بالإضافة إلى عدم الترحيب بأطروحاته من جانب الولايات المتحدة والغرب عموما، عدا فرنسا التى تعاونت معه فى بعض القضايا ، ليدخل السودان فى حصار وعداوة كل جيرانه والمنطقة العربية والعالم .
فى هذا السياق قام الترابى بتأسيس المؤتمر الشعبى العربى الإسلامى الذى جمع كل الحركات الإسلامية والقومية المعارضة فى العالم العربى ، فى محاولة لتكريس نوع من القيادة وزيادة مساحات الحركة الإقليمية أمام نظام الإنقاذ ، بحيث يحصل على قدر من النفوذ الخارجى لكى يحمى به نظامه فى الداخل ويفك عن نفسه العزلة ، مكرراً فى ذلك تجربة الرئيس عبد الناصر فى مصر ، وإن لم يراع الاختلاف البيّن بين التكوينين المصرى والسودانى فضلاً عن تغير الظروف الدولية .
والشاهد هنا أن الترابى استطاع أن يهيمن على جهاز الدولة وأعلن انتقال حركته من طور القوة السياسية التى تسعى إلى تطبيق برنامج معين، إلى طور الدولة التى ينبغى لها أن تصبغ المجتمع كله بصبغتها، وفى سبيل ذلك قام بحركة تطهير واسعة فى القوات المسلحة والخدمة المدنية تحت مسمى ( الصالح العام ) وأعاد صياغة أجهزة الأمن، والأهم أنه قام بحل تنظيم الحركة الإسلامية واستعاض عنه بتنظيم جديد هو حزب المؤتمر الوطنى كتيار جامع يقوم على تحالف عريض بين المكونات المختلفة للمجتمع يقوده الإسلاميون، ويسحبون الآخرين من مسلمين ومسيحيين ولادينين وراءهم للعب أدوار متناثرة فى تنفيذ مخطط الترابى. أما على الصعيد العالمى فقد بدأ الترابى طامحاً بقوة إلى دور عالمى، واصبح واضحاً أنه يعتبر نفسه قيادة أكبر حجما من الوعاء السودانى الذى لا يستطيع احتواء عطائه الفكرى والحركى حسب إعتقاده .
ورغم النجاحات التى بدأ نظام الإنقاذ يحققها فى الداخل فى عهده الأول 1989 - 1996 خاصة فى الجنوب بإحراز انتصارات عسكرية كادت أن تحقق هدفها النهائى بالقضاء على الحركة الشعبية عام 1993، لولا عودة الدعم الخارجى لها من مجمع الكنائس والصهيونية العالمية خوفآ من شخصية حسن الترابى المثيرة للجدل ، فجلب بسلوكه ذلك الكراهية العالمية على الإنقاذ ، وترافق ذلك مع أثمان باهظة شعبيا نتيجة إجراءات الإقصاء والإبعاد وانتهاك حقوق الإنسان ، التى لم يلتفت إليها الترابى ونظامه كثيراً ، إلى أن جاءت محاولة اغتيال الرئيس مبارك بأديس أبابا فى مايو 1995 والتى كانت البداية الحقيقية للعد التنازلى لتجربة الإنقاذ ، فقد بدأت الخلافات التنظيمية فى الداخل ، وازداد الضغط الخارجى على نظام الإنقاذ ، إلى أن حدثت المفاصلة الشهيرة ووقع الانشقاق داخل الحركة فى ديسمبر 1999، فيماعرف إعلامياً بقرارات 4 رمضان التى ترتب عليها خروج الترابى ومؤيديه وتكوين ما عرف باسم حزب المؤتمر الوطنى الشعبى والذى جرى تعديل اسمه لاحقا إلى المؤتمر الشعبى .
وقد تعددت التفسيرات التى حاولت أن تحلل ما حدث ، بدءاً بالقول أنها مسرحية مدبرة بين الطرفين ، وانتهاء بأن الترابى أدرك مبكراً أن مآلات تجربة الإنقاذ هى الفشل ، ومن ثم تعمد تصعيد الخلاف وإخراجه بهذا الشكل الذى يسمح له بالتبرؤ من أخطاء التجربة عبر مهاجمتها بعنف وتبنى طروحات جديدة عن الحرية وتداول السلطة والدفاع عن المهمشين حفاظاً على مكانته فى التاريخين السودانى والإسلامى ، الأمر الذى يوليه الترابى اهتماماً كبيراً .
لكن الحقيقة الوحيدة الباقية هى أن ما جرى ليس إلا نزاعاً على السلطة وقع فى صفوف الحركة الإسلامية بعد أن وصلت إلى الحكم، وهى بذلك لا تعد استثناء قياساً إلى الحركات السياسية فى العالم الثالث. وطبقاً لقواعد الصراع، فقد فاز الطرف الأكثر تحكماً فى أدوات الدولة وأجهزتها، خاصة القوات المسلحة والأجهزة الأمنية والمالية ، وهو تحالف الرئيس البشير ونائبه الأول على عثمان طه، الذى كان نائباً للترابى فى الحركة لفترة طويلة فى السابق، واستطاع هذا التحالف أن يستقطب شرائح لا بأس بها من أنصار الحركة الإسلامية، الذين بقى بعضهم طمعاً فى ذهب المعز، بينما بقى بعضهم الآخر لتحفظهم على موقف د.الترابى وعدم اقتناعهم بطروحاته إبان الانشقاق، إذ كان ينتقد سلوك النظام وأداءه ومنطلقاته، فى حين أن النظام كله كان خارجاً من عباءة الترابى ويعمل طبقاً للمفاهيم والأسس والآليات التى وضعها بنفسه.
وقد أدى ذلك الوضع إلى انشطار الحركة الإسلامية فى السودان وحدوث شرخ هائل فى مصداقيتها وفى جدية خطابها السياسى وجدارته أخلاقيا وعمليا ، فالترابى رمى تلامذته الذين تمردوا عليه بكل نقيصة ممكنة، وتبنى خطاباً يناقض أطروحاته السابقة وبذل جهداً هائلاً لكى يقول أنه امتداد لخطابه فى المرحلة السابقة، والذى كان يهدف من ورائه إلى التمهيد لإطلاق الحريات ، وفى الوقت نفسه يسعى إلى إضعاف نظام الإنقاذ الحالى سياسياً وعسكرياً ويدعو إلى الثورة الشعبية للإطاحة به ، ويساند التمرد فى دارفور سياسياً من خلال تأييد مطالبه ، ويشارك عمليا أيضاً فى قيادة التمرد من خلال حركة العدالة والمساواة التى تتهمها الحكومة السودانية بأنها الذراع العسكرى لحزب المؤتمر الشعبى ، كما اتهمت الحكومة حزب المؤتمر الشعبى بتدبير محاولة تخريبية واسعة النطاق فى الخرطوم، واعتقلت العديد من العناصر، بالإضافة إلى د. الترابى نفسه الذى ظل رهن الاعتقال معظم الوقت منذ عام 2001 رغم الإفراج عنه لفترة قصيرة كانت كافية لإقناع جناح طه / البشير بأن إعادته للاعتقال أكثر أمنا للسودان فى هذه الظروف الانتقالية الحرجة التى تجرى فيها المفاوضات فى الجنوب والغرب . فخلال الإعلان عن المحاولة التخريبية الأخيرة قال الرئيس البشير كدنا نقول فى يوم من الأيام لا إله إلا الله محمد رسول الله ، والترابى ولى الله.. ولكن العمل مع الناس والاحتكاك بهم يكشف معادن الرجال، وأضاف إذا أصدرت قراراً اليوم بقطع رأسه ، فسوف أفعلها وأنا مطمئن لله . وتجدر الإشارة هنا إلى أن الحكومة السودانية قامت بحملة واسعة لمطاردة قيادات وأعضاء حزب المؤتمر الشعبى المهتمين بالاشتراك فى المحاولة التخريبية ، مما اضطر المتهم الأساسى وهو دكتور الحاج آدم يوسف - كان وزيرا سابقاً فى النظام قبل الإنشقاق ومن أبناء دارفور - إلى الهرب للخارج ، ثم ظهر فى إريتريا مع الدكتور على الحاج (الذى كان يعمل نائباً للترابى، وكان مرشحاً لموقع النائب الأول لرئيس الجمهورية قبل الانشقاق) ينسقون مع المعارضة فى الخارج ويدعون لإسقاط نظام الإنقاذ من خلال الثورة الشعبية، ويرددون نفس مقولات المعارضة بأن هذا النظام لا تصلح معه التسويات السياسية بل يجب اقتلاعه من الجذور .
ومن ناحية أخرى تشير بعض التقارير إلى أن التحقيقات الحالية فى المحاولة التخريبية تشير إلى عدم ضلوع الترابى فيها وكذلك معظم قيادات المؤتمر الشعبى ، بما قد يؤيد مقولاتهم ، بأن جناح طه / البشير يلفق الاتهامات ويطاردهم لاستبعادهم من الحياة السياسية.
إن ما سبق مجرد ملامح عامة للإجابة على سؤال : ماذا بقى من الترابى؟ الذى تحتاج الإجابة عليه إلى بحث مستفيض، لكن الشواهد الأساسية، تقول بأن ما بقى من رحلة الترابى الفكرية والسياسية لخمسين عاماً خلت منذ بدأ مسيرته عام 1954، لم يبق منها إلا حطام تجربة سياسية تنازع الآن فى مرحلتها الأخيرة، ومقولات فكرية توصف فى أفضل الأحوال بأنها ملتبسة وكثيرآ مايوصف بالمارق للفتاوى المريبه التى يصدرها كإمامة المرأة وغيرها وقد يصل بالبعض لتكفيره .